المغرب (الكفاح من أجل الاستقلال وإتمام الوحدة الترابية)

المغرب (الكفاح من أجل الاستقلال وإتمام الوحدة الترابية) |
المغرب (الكفاح من أجل الاستقلال وإتمام الوحدة الترابية)
المغرب (الكفاح من أجل الاستقلال وإتمام الوحدة الترابية)
تقديم إشكالي
أدت سياسة الاستغلال التي نهجتها كل من فرنسا وإسبانيا خلال فترة الحماية إلى اشتداد الوعي الوطني في صفوف المغاربة، مما أسفر عن انتقال الكفاح الوطني من مرحلة المقاومة المسلحة إلى المقاومة السياسية، ثم إلى المطالبة بالاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية.
فكيف واجه المغاربة الاحتلال العسكري الفرنسي والإسباني؟
وما هي المراحل التي مر بها النضال الوطني لنيل الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية؟
الاحتلال العسكري الفرنسي والإسباني ومقاومته المسلحة
مراحل الاحتلال الفرنسي والإسباني للمغرب
بعد توقيع معاهدة الحماية سنة 1912م، تم تقسيم المغرب إلى ثلاث مناطق:
- منطقة وسطى تحت النفوذ الفرنسي،
- ومنطقة شمالية وجنوبية تحت السيطرة الإسبانية،
- أما مدينة طنجة فقد خضعت لنظام دولي.
امتد الاحتلال الفعلي لأراضي المغرب من سنة 1912 إلى سنة 1934، واستهدفت فرنسا بدايةً ما يسمى “بالمغرب النافع”، وهي المناطق الغنية زراعيًا واقتصاديًا (الشمال والغرب)، ثم واصلت توغلها في “المغرب غير النافع” أي المناطق الجبلية والصحراوية، لكنها اصطدمت بمقاومات شرسة أخرت احتلالها الكامل للمغرب.
مقاومة المغاربة للاحتلال الفرنسي والإسباني
قاوم المغاربة الاحتلال بكل شجاعة، ومن أبرز صور هذه المقاومة المسلحة نذكر:
- مقاومة أحمد الهيبة في الجنوب: واجه القوات الفرنسية في عدة معارك، أبرزها معركة سيدي بوعثمان سنة 1912، لكنه تراجع نحو الجنوب بعد الهزيمة.
- مقاومة موحا أوحمو الزياني بالأطلس المتوسط: كانت معركة الهري سنة 1914 أبرز معاركه، حيث ألحق خسائر جسيمة بالجيش الفرنسي، واستمر في المقاومة حتى استشهاده سنة 1921.
- مقاومة محمد بن عبد الكريم الخطابي في الريف: خاض معركة أنوال سنة 1921 ضد القوات الإسبانية، وحقق انتصارًا كبيرًا، مما دفع إسبانيا للتحالف مع فرنسا لإرغامه على الاستسلام سنة 1926.
- مقاومة عسو أوبسلام في جبال صاغرو: خاض معركة بوغافر سنة 1933، وفرض شروطًا للاستسلام، لتتوقف بذلك المقاومة المسلحة سنة 1934.
تطور الحركة الوطنية من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال
ظهور المقاومة السياسية
بعد توقف المقاومة المسلحة، بدأ شكل جديد من المقاومة يتمثل في العمل السياسي، وقد ساعد على ظهوره:
- صدور الظهير البربري سنة 1930، الذي اعتبره المغاربة محاولة استعمارية لفصل الأمازيغ عن العرب، ما أجج مشاعر الوطنية.
- تراجع المقاومة المسلحة، مما دفع النخب المثقفة إلى التفكير في وسائل نضالية أخرى.
- بروز نخبة مثقفة متشبعة بالفكر الإصلاحي وخرجت من المدارس الحديثة وجامعة القرويين.
- ظهور الحركة السلفية، التي دعت إلى الرجوع إلى أصول الإسلام ونهج السلف الصالح، فساهمت في نشر الوعي الديني والسياسي.
أشكال العمل الوطني
تعددت أشكال المقاومة السياسية في هذه المرحلة، ومن أبرزها:
- العمل الصحفي: عبر تأسيس صحف ومجلات وطنية للتوعية والتعبئة مثل “مجلة المغرب” و”صحيفة عمل الشعب”.
- العمل الحزبي والنقابي: من خلال تأسيس تنظيمات سياسية كـ:
- كتلة العمل الوطني بقيادة علال الفاسي ومحمد بلحسن الوزاني (بالمناطق الفرنسية)،
- وحزب الإصلاح الوطني بقيادة عبد الخالق الطريس، وحزب الوحدة المغربية بقيادة المكي الناصري (بالمناطق الإسبانية).
- العمل الجمعوي: من خلال تأسيس جمعيات كشفية ورياضية وثقافية، وتنظيم عروض مسرحية ذات طابع وطني.
- مبادرات نضالية أخرى: كتأسيس المدارس الحرة، وتوزيع المنشورات، والاحتفال بعيد العرش، ومقاطعة البضائع الفرنسية، والعودة إلى اللباس التقليدي المغربي.
الحركة الوطنية والمطالبة بالاستقلال
تحول العمل الوطني إلى المطالبة الصريحة بالاستقلال نتيجة عدة تطورات:
- رفض سلطات الحماية للمطالب الإصلاحية المقدمة من طرف الأحزاب الوطنية.
- تزايد الوعي السياسي في صفوف المواطنين.
- هزيمة فرنسا في الحرب العالمية الثانية، مما أضعف مكانتها.
- ميثاق الأطلسي سنة 1941، الذي أكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها.
- مؤتمر أنفا سنة 1943، الذي استفادت خلاله الحركة الوطنية من دعم الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت.
في هذا السياق، عقد حزب الاستقلال مؤتمره التاريخي يوم 11 يناير 1944م، حيث قدم “عريضة الاستقلال” إلى سلطات الاحتلال، بدعم ومباركة من السلطان محمد بن يوسف.
الكفاح المسلح وتحقيق الاستقلال
مواجهة الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية
تصاعد الصراع بين السلطان محمد بن يوسف وسلطات الحماية، خاصة بعد زيارته التاريخية إلى مدينة طنجة سنة 1947، التي عبر فيها عن وحدة المغرب وسيادته.
كان رد فعل السلطات الاستعمارية هو نفي السلطان محمد بن يوسف وأسرته إلى جزيرة مدغشقر يوم 20 غشت 1953، وتنصيب محمد بن عرفة كسلطان شكلي.
اندلاع المقاومة المسلحة
أدى نفي السلطان إلى اندلاع ثورة الملك والشعب، التي شكلت منعرجًا حاسمًا في مسار الاستقلال، وتميزت بمرحلتين:
- العمليات الفدائية في المدن: استهدفت العملاء المتعاونين مع فرنسا ومصالح المعمرين.
- جيش التحرير في القرى والبوادي: خاض معارك مسلحة ضد القوات الفرنسية، مما زاد من الضغط على المستعمر.
أمام تصاعد المقاومة، اضطرت فرنسا إلى إعادة السلطان محمد بن يوسف إلى العرش سنة 1955، ثم تم الإعلان رسميًا عن استقلال المغرب سنة 1956.
مراحل استكمال الوحدة الترابية
رغم الاستقلال، ظلت بعض أجزاء البلاد تحت السيطرة الاستعمارية، لذلك واصل المغرب جهوده لاسترجاع كافة أراضيه، وتم ذلك عبر مراحل:
- 1956: إلغاء نظام الحماية الفرنسية والإسبانية.
- 1957: إنهاء الوضع الدولي لمدينة طنجة.
- 1969: استرجاع مدينة سيدي إفني.
- 1975: تنظيم المسيرة الخضراء السلمية لاسترجاع إقليم الساقية الحمراء.
- 1979: استرجاع واد الذهب.
ومع ذلك، لا تزال مدينتا سبتة ومليلية تحت الاحتلال الإسباني إلى اليوم، ويواصل المغرب المطالبة بهما عبر القنوات السياسية والدبلوماسية.
خاتمة
خاض الشعب المغربي بقيادة السلطان محمد بن يوسف، وبدعم من الحركة الوطنية، كفاحًا طويلًا ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني، انتهى بتحقيق الاستقلال سنة 1956، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ المغرب، تمثلت في بناء دولة حديثة ذات سيادة، واستكمال وحدته الترابية تدريجيًا.
تحميل درس المغرب (الكفاح من أجل الاستقلال وإتمام الوحدة الترابية)
لتحميل درس المغرب (الكفاح من أجل الاستقلال وإتمام الوحدة الترابية) للسنة الثالثة إعدادي اضغط على الرابط في الأسفل: