الثانوي الاعدادي

مصر نموذج تنموي عربي

الثالثة إعداديالاجتماعياتمصر نموذج تنموي عربي

        تُعد مصر مثالًا مميزًا لدولة نامية ضمن القارة الإفريقية والعالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، إذ استطاعت، رغم التحديات الطبيعية والضغط الديمغرافي، أن تحقق تقدمًا اقتصاديًا ملحوظًا يظهر من خلال نمو ناتجها الداخلي الخام وتحسن ترتيبها ضمن الاقتصاد العالمي.

  • فما هي مقومات هذه التجربة التنموية؟
  • وما هي الخصائص الأساسية للاقتصاد المصري؟
  • وما الذي يميز النموذج المصري في التنمية عن غيره من النماذج؟

        تواجه مصر عدة إكراهات على مستوى وسطها الطبيعي، حيث تتسم الجغرافيا المصرية بسيطرة الصحراء على نحو %96 من المساحة الإجمالية، وتُسجل الأمطار معدلات منخفضة لا تتجاوز 180 ملم سنويًا، مما يجعل الزراعة والمجال المعمور محصورين في %4 من المساحة، وتتمركز هذه النسبة أساسًا في الشريط الضيق الممتد على ضفاف وادي النيل وفي منطقة دلتا النيل، حيث توجد تربة طميية خصبة ومياه متوفرة للسقي.

        أما على المستوى البشري، فالسكان يفوق عددهم 76 مليون نسمة، مع نسبة نمو ديمغرافي تبلغ %1.9، وتتميز البنية العمرية بكونها شابة حيث تمثل الفئة دون سن الشباب حوالي %60.
ورغم أن هذا المعطى يشكل طاقة بشرية مهمة، إلا أنه يُحدث ضغطًا كبيرًا على الموارد الطبيعية المحدودة، خاصةً أن هذا النمو السكاني لا يوازيه دائمًا نمو اقتصادي متكافئ، مما يؤدي إلى اختلالات سكانية واقتصادية كبيرة.

      يستمد الاقتصاد المصري قوته من الموقع الجغرافي الاستراتيجي للبلاد، حيث تتوسط ثلاث قارات (إفريقيا، آسيا، أوروبا)، إضافة إلى ما قامت به مصر من إصلاحات هيكلية منذ منتصف القرن العشرين، مما مكنها من ترسيخ مكانة اقتصادية بارزة في محيطها العربي والإفريقي، وأيضًا على مستوى الدول النامية.

      ويُعد تحسن ترتيب مصر عالميًا في الاقتصاد (المرتبة 39) مؤشرًا على هذا التقدم، إضافة إلى نمو ناتجها الداخلي الخام.
لكن في المقابل، لا تزال مصر تعاني من معدلات بطالة مرتفعة، وتدني مؤشر التنمية البشرية نتيجة استمرار التفاوتات في الاستفادة من ثمار التنمية.

مرت الإصلاحات الاقتصادية في مصر بمرحلتين رئيسيتين:

  • المرحلة الأولى: تم التركيز فيها على تحديث البنيات الاقتصادية، وخاصة عبر تطوير قطاعات الفلاحة والصناعة التي تُعد قاطرة حقيقية للتنمية.
  • المرحلة الثانية: تميزت بالتحول نحو اقتصاد السوق، حيث تم اعتماد سياسة تحرير الأسعار، وتشجيع الاستثمار الخاص، والانفتاح على التمويلات الأجنبية، مثل ما حدث سنة 2001 حين استقبلت مصر حوالي 1.3 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية.

بسبب الإكراهات الطبيعية، يتمركز النشاط الفلاحي المصري على ضفاف وادي النيل، وفي مناطق دلتا النيل والواحات الصحراوية.
وهي فلاحة كثيفة تقوم على السقي، سواء باستخدام الوسائل التقليدية أو الأساليب العصرية، وتنتج تشكيلة متنوعة من المزروعات:

  • زراعات تسويقية وصناعية: في مقدمتها القطن، الحمضيات، وقصب السكر.
  • زراعات معيشية: تشمل القمح، الذرة، والأرز.

غير أن هذا القطاع يواجه عدة صعوبات، مثل ضعف المردودية، وقِلة الموارد المائية، وتراجع القطاع الحيواني الذي يعاني بدوره من نفس الإكراهات.

تتوفر مصر على ثروات باطنية مهمة ومتنوعة، مثل النفط، الغاز الطبيعي، الفحم، الحديد، والفسفاط، وهو ما يمثل قاعدة قوية لتنمية القطاع الصناعي.

تغلب على الصناعة المصرية الصناعات التحويلية والاستهلاكية، خاصةً:

  • صناعة النسيج
  • الصناعات الغذائية

في حين لا تزال الصناعات الأساسية والتجهيزية محدودة من حيث الحجم والإنتاج.

تلعب الخدمات دورًا مهمًا في الاقتصاد المصري، وذلك لعدة أسباب، أهمها:

  • الموقع الجغرافي الاستراتيجي بين ثلاث قارات، والذي يجعل من قناة السويس موردًا اقتصاديًا كبيرًا، حيث تُساهم بما يفوق %11 من مداخيل العملة الصعبة.
  • الإرث الحضاري والثقافي الغني الذي يجعل مصر من الوجهات السياحية الأولى في العالم العربي، إذ توفر السياحة أكثر من %26 من مداخيل العملة الصعبة.

أما المبادلات التجارية الخارجية، فتتميز بالتنوع:

  • الصادرات: تشمل المواد الأولية، ومصادر الطاقة، وبعض المنتجات نصف المصنعة والمواد الاستهلاكية.
  • الواردات: تتكون أساسًا من معدات التجهيز، والمواد نصف المصنعة، والمواد الأولية.

لكن رغم هذا التنوع، يعرف الميزان التجاري عجزًا واضحًا نتيجة تفوق قيمة الواردات على الصادرات.

       يتسم الاقتصاد المصري بالتنوع، إذ يستند إلى قطاعات قوية مثل الفلاحة، الصناعة، والسياحة، ورغم التحديات الطبيعية والديمغرافية، فإن التجربة المصرية في التنمية تُعد نموذجًا يُحتذى به داخل العالم النامي. وتبقى رهانات المستقبل قائمة على تحقيق تنمية أكثر شمولًا وعدالة اجتماعية، من خلال توسيع قاعدة الإنتاج، وتحسين مؤشرات التنمية البشرية.

لتحميل درس مصر نموذج تنموي عربي للسنة الثالثة إعدادي اضغط على الرابط في الأسفل:

زر الذهاب إلى الأعلى