الثانوي الاعدادي

ظاهرة الأنظمة الديكتاتورية (دراسة حالة النازية)

الثالثة إعداديالاجتماعياتظاهرة الأنظمة الديكتاتورية (دراسة حالة النازية)

         واجهت الأنظمة الديمقراطية في أوروبا تحديات كبيرة بعد الحرب العالمية الأولى، مما أدى إلى ظهور اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية حادة. وسعيًا للخروج من هذه الأزمات، اتجهت بعض الدول إلى تبني أنظمة ديكتاتورية، كان أبرزها النظام الفاشي في إيطاليا، والنظام النازي في ألمانيا. وتُعد النازية نموذجًا لفهم طبيعة الأنظمة الديكتاتورية من حيث ظروف نشأتها، وأسلوب حكمها، ونتائجها.

فما هي أهم الأسباب التي أدت إلى ظهور الحركة النازية؟ وما أبرز مظاهرها ونتائجها؟

      بعد انهزام ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، انهار النظام الإمبراطوري، وتخلى القيصر غليوم الثاني عن العرش، مما أدى إلى فراغ سياسي استغلته الأحزاب المختلفة للتنافس على السلطة. أُقيمت حكومة فيمار، لكنها لم تتمكن من تحقيق الاستقرار السياسي إلا بعد عام 1924، حيث شهدت البلاد اضطرابات شديدة.

      حاول أدولف هتلر الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب 1923، لكنه فشل وسُجن. وبعد خروجه، ركز جهوده على العمل السياسي من خلال الحزب النازي، مستغلًا استياء الألمان من معاهدة فرساي والآثار الكارثية للأزمة الاقتصادية العالمية سنة 1929. ونتيجة لذلك، شهد الحزب النازي ازديادًا كبيرًا في عدد المنخرطين، ما مكنه من الفوز في الانتخابات، ليصل هتلر إلى السلطة عام 1933.

       عانت ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى من أزمة اقتصادية حادة، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير، واختل التوازن بين الإنتاج والاستهلاك بسبب ارتفاع التكاليف والخسائر الفادحة التي تكبدتها البلاد خلال الحرب. كما عانت حكومة فيمار من صعوبة سداد تعويضات الحرب التي فرضتها معاهدة فرساي. وقد دعمت بعض الشركات الكبرى، مثل شركة “كروب”، الحزب النازي، ما ساعده في الوصول إلى السلطة.

       شهدت ألمانيا ارتفاعًا غير مسبوق في معدلات البطالة، حيث فقد ملايين الألمان وظائفهم بسبب الأزمة الاقتصادية، وانخفضت الأجور، مما أدى إلى انتشار الفقر والتذمر بين الشعب. ساعد هذا الوضع الحزب النازي في استقطاب الجماهير، إذ وعدهم هتلر بتحسين أوضاعهم وإعادة مجد ألمانيا.

بعد وصوله إلى الحكم، سعى هتلر إلى ترسيخ نظامه الديكتاتوري في مختلف المجالات، وذلك عبر سلسلة من الإجراءات والتغييرات الجذرية.

  • حل النقابات العمالية ومنع جميع الأحزاب السياسية الأخرى.
  • فرض نظام الحزب الوحيد، حيث أصبح الحزب النازي القوة السياسية الوحيدة في البلاد.
  • إلغاء النظام الفدرالي وإقرار النظام المركزي.
  • جمع بين منصبي المستشارية والرئاسة منذ أغسطس 1934، ليصبح القائد الأعلى (الفوهرر)، ويتمتع بسلطات مطلقة.
  • تبنى سياسة الاقتصاد الموجه، حيث تم وضع خطط اقتصادية للتحكم في الإنتاج والتجارة.
  • إعطاء الأولوية للأشغال الكبرى، مثل بناء الطرق والجسور، بهدف توفير فرص العمل وتقليل البطالة.
  • التركيز على تطوير الصناعات العسكرية، في إطار الاستعداد لحروب التوسع.
  • السعي إلى توسيع “المجال الحيوي” لاحتواء فائض السكان، وتأمين المواد الأولية الضرورية للاقتصاد الألماني.
  • أدت هذه السياسات إلى انتعاش الاقتصاد الألماني وتراجع معدلات البطالة بشكل ملحوظ.
  • تم الترويج لفكرة تفوق العرق الآري، واعتباره محور المجتمع الألماني.
  • تعزيز النزعة العنصرية ضد اليهود والمجموعات الأخرى، وفرض قوانين تقيد حقوقهم وحرياتهم.
  • تشجيع الشباب على الانخراط في التنظيمات النازية، مثل “الشبيبة الهتلرية”، لترسيخ الفكر النازي منذ الصغر.

     ولد أدولف هتلر عام 1889 في مدينة برونو بالنمسا. انضم إلى الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الأولى سنة 1914، وبعد انتهاء الحرب، انضم إلى الحزب الوطني الاشتراكي للعمال الألمان سنة 1919، والذي أصبح لاحقًا يعرف بالحزب النازي.

     سرعان ما برز هتلر كزعيم للحزب، وتمكن من قيادته سنة 1921. وبعد محاولة انقلاب فاشلة عام 1923، سُجن، وأثناء وجوده في السجن، كتب كتابه الشهير “كفاحي الذي شرح فيه أفكاره السياسية والعنصرية.

     بعد إطلاق سراحه، واصل نشاطه السياسي، إلى أن عُيّن مستشارًا لألمانيا سنة 1933، ثم جمع بين منصب المستشارية والرئاسة سنة 1934. انتهت حياته بالانتحار سنة 1945 مع انهيار ألمانيا في نهاية الحرب العالمية الثانية.

  • معاداة الديمقراطية: كان هتلر يرى أن النظام البرلماني ضعيف، واعتبر أن النازية هي الحل البديل، حيث يجب أن يكون الزعيم صاحب السلطة المطلقة.
  • العنصرية والتفوق العرقي: أكد على تفوق العرق الآري، واعتبر أن الشعوب الأخرى أدنى منزلة.
  • رفض المساواة: رفض فكرة المساواة بين البشر، مؤكدًا على أن البقاء للأقوى، وأن الضعفاء لا مكان لهم في المجتمع.
  • المجال الحيوي: اعتقد أن ألمانيا بحاجة إلى التوسع الجغرافي للحصول على الموارد وتأمين مستقبل الشعب الألماني.

تميزت الدولة النازية بعدة سمات رئيسية جعلتها واحدة من أكثر الأنظمة الشمولية قسوة في التاريخ:

  • الديكتاتورية الشمولية: احتكر هتلر جميع السلطات، وألغى الديمقراطية والانتخابات.
  • إلغاء الحريات: تم منع حرية التعبير والصحافة، وفرض رقابة صارمة على وسائل الإعلام.
  • العنصرية والتطهير العرقي: ارتكز النظام النازي على تمجيد العرق الجرماني، وشن حملات اضطهاد ضد اليهود والماركسيين والليبراليين.
  • التخطيط الاقتصادي والعسكري: تم توجيه الاقتصاد نحو التصنيع العسكري، وإعادة بناء الجيش الألماني استعدادًا للتوسع.
  • إقصاء العناصر الأجنبية: عمل النظام النازي على تطهير المجتمع الألماني من العناصر التي اعتبرها غير مرغوب فيها، مثل المعاقين والمرضى العقليين.
  • التوسع الإمبريالي: سعى هتلر إلى توسيع ألمانيا، متجاهلًا القيود المفروضة عليها بموجب معاهدة فرساي.

        ساهمت القيود الصارمة التي فرضت على ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية، في انتشار التطرف السياسي وصعود النازية إلى السلطة. وبوصول هتلر للحكم، عادت التوترات إلى العلاقات الدولية، مما أدى في النهاية إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية، التي كانت إحدى أكثر الحروب دمارًا في التاريخ.

لتحميل درس ظاهرة الأنظمة الديكتاتورية (دراسة حالة النازية) للسنة الثالثة إعدادي اضغط على الرابط في الأسفل:

زر الذهاب إلى الأعلى