درس الغير الثانية باكالوريا

الثانية باكالورياالفلسفةالغير

        يعتبر مفهوم “الغير” من المفاهيم الحديثة في الفلسفة التي ظهرت بقوة مع فلسفة هيغل، بعد أن كان التركيز الفلسفي سابقاً ينصب على الذات فقط. نظرًا لاحتمالية تكوين الذات لأفكار غير صحيحة حول موضوعات خارجية نتيجة خداع الحواس، فإن هذا قد يدفع للتساؤل عن الغير، وحتى الشك في وجوده. وهذا بدوره يؤدي إلى طرح تساؤلات حول إمكانية معرفة الغير، وكيفية بناء هذه المعرفة، وطبيعة العلاقات التي تجمع الذات بالغير. يمكن صياغة هذه الإشكاليات في الأسئلة التالية:

        يرى فريدريك هيغل أن وعي الذات يتجسد كوجود بسيط للذات، حيث تبرز ماهيتها في كونها “أنا”، بينما يكون “الآخر” وعيًا لذاته كـ “لا/أنا”. تتجسد هذه العلاقة بين الذات والغير كنوع من الصراع من أجل الحياة والموت، إذ يسعى كل طرف لإثبات ذاته أمام الآخر، مما يعني أن وجود الغير بالنسبة للأنا يتم عن طريق الصراع لتحقيق يقين الوجود.

        في نظر مارتن هايدغر، وجود الذات لا يكون مطابقًا لذاتها عندما توجد في إطار “مع الغير”، إذ يؤدي هذا الوجود المشترك إلى ذوبان الذات وسط الآخرين، مما يسلبها تميزها وفرادة هويتها، وتظهر سيطرة “الضمير المجهول” على هذا الوجود، بحيث يصبح “الغير” تهديدًا لوجود الذات بتشويه استقلاليتها وذوبانها في الكل.

       حسب غاستون بيرجي، تعيق حميمية الذات أي محاولة للتواصل مع الغير؛ فالتجربة الذاتية هي الحقيقة المطلقة بالنسبة للفرد، ولا يمكن نقلها للآخر. هذه العزلة الذاتية تجعل من المستحيل معرفة الغير، إذ تظل معاناته وآلامه تجربة شخصية لا يمكن للذات أن تشعر بها كليًا، ويبقى الغير مغلقًا في عالمه كما هي الذات منغلقة في عالمها.

      يرى جيل دولوز أن الغير ليس مجرد فرد معين، بل هو بنية تتجسد في شبكة من العلاقات والتفاعلات بين الذوات. فعند إدراكنا للعالم، نحن نعي وجود آخرين يدركون جوانب من الأشياء التي لا ندركها نحن، مما يشير إلى أن الغير يكمل إدراكنا للعالم المحيط بنا.

      وفقًا لإيمانويل كانط، فإن الصداقة هي اتحاد شخصين يتبادلان مشاعر الحب والاحترام، وغايتها تحقيق الخير. الحب يخلق التقارب بين الصديقين، بينما الاحترام يفرض مسافة تحفظ لكل منهما خصوصيته. ويشير كانط إلى أن الصداقة لا يجب أن تقوم على منافع مباشرة، بل يجب أن تكون قائمة على أسس أخلاقية بحتة.

       تنتقد جوليا كريستيفا النظرة التقليدية للغريب باعتباره الآخر الذي نحمل له مشاعر سلبية، وترى أن “الغريب” هو جزء من ذواتنا، ويتجسد في وعينا باختلافنا الداخلي. تُقرّ كريستيفا بأن الغريب يزدهر في الوعي باختلافنا، وتدعو للاعتراف بأننا جميعًا “غرباء” ونتمرد على القيود المجتمعية.

لتحميل درس الغير الثانية باكالوريا مادة الفلسفة اضغط على الرابط في الأسفل:

Exit mobile version