الثانوي التاهيلي

تحليل نص حفل استقبال لأحمد التوفيق

الجذع المشترك آداب وعلوم إنسانيةاللغة العربيةتحليل نص حفل استقبال لأحمد التوفيق

         يمتد النص إلى استلهام أحداثه من التاريخ الاجتماعي أو الواقع أو حتى المتخيل الذي يشكل لحظات مهمة تستحق التسجيل، فتلفت الروائي لينبش في تفاصيلها ويعيد صياغتها بشكل فني مؤثر. من خلال هذا، ينجح في إنشاء نص يعج بالصور والرؤى الثقافية والسلوكيات والتعبيرات، مما يجذب القارئ ويدفعه إلى التفاعل مع النص.

       أحمد التوفيق، روائي ومؤرخ مغربي وُلد في مراكش عام 1943، والذي شغل العديد من المناصب الأكاديمية والإدارية، منها منصب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ينظر إلى تاريخ المغرب الزاخر بالثقافة والأحداث ليعيد صياغته في رواياته، ومنها رواية “جارات أبي موسى”، والتي تضمن هذا النص مقتطفًا منها.

         تبدأ العبارات الأولى بالإشارة إلى أن النص ينتمي إلى السرد التاريخي، الذي يستمد موضوعه من فترة الحكم السلطاني لدولة المخزن المغربية في نهاية العصر الوسيط. من أولى الملاحظات على النص هو وصول الخبير إلى دار ابن الحفيد، القاضي المشهور بسلا، حيث تُستهل الأحداث بوصف لفضاء المدينة.

       العنوان نفسه “حفل استقبال” هو تركيب إضافي يوحي بأن النص سيتناول حدثًا يخص الاحتفال والاستقبال الذي يتخلله بروتوكولات الاحتفاء بمكانة الشخص المستقبَل.

النص “حفل استقبال” يتضمن عدة وحدات سردية، تتلخص فيما يلي:

  • وصول الخبير، وهو رسول المبعوث السلطاني إلى قاضي قضاة سلا، حيث يخبره بأن المستشار السلطاني سيصل قريبًا ضيفًا عليه قبل أن يتوجه إلى فاس، عاصمة السلطان.
  • تحضيرات ابن الحفيد لاستقبال المبعوث، التي تشمل إعداد الترتيبات اللازمة بما يليق بمكانة الضيف ويبرز مكانة ابن الحفيد في الدولة المخزنية. من بين هذه التحضيرات:
    • تكليف زوجته “طميمة” بترتيب شؤون الضيافة، نظرًا لانتمائها إلى عائلة ذات نفوذ وخبرة في مثل هذه المناسبات.
    • إبلاغ عامل المدينة “جرمون” بالاستعداد لاستقبال الضيف وتحضير الحشود وتوفير وسائل الترفيه والزينة.
  • خروج المستقبلين للقاء الموكب السلطاني عند ضفة نهر أبي رقراق، حيث يقف العلماء والأعيان والتجار وأهل الصلاح بانتظار وصول الضيف.
  • عبور موكب المستشار السلطاني للنهر في مركب مزين، وسط مظاهر الحفاوة والاحترام.
  • دخول الموكب إلى المدينة بعد صلاة العشاء، وسط الحشود التي جاءت للترحيب به.

        الحدث الرئيسي يدور حول الاستعدادات لاستقبال المبعوث السلطاني، وهو حدث يعكس الصراع على النفوذ والتباهي بين الشخصيات، ما بين ابن الحفيد والعامل جرمون. هذا الحدث يشكل مرآة للصراع بين طبقات المجتمع والنخبة السياسية في ذلك الزمن.

الزمن في النص زمن ماضٍ، مرتبط بأحداث تاريخية واقعية، ويعتمد نسقًا زمنيًا خطيًا يبدأ بوصول الخبير إلى مدينة سلا وينتهي بتقدم الموكب إلى المدينة. يتخلل النص بعض الاسترجاعات التي توضح الخلفيات التاريخية للشخصيات، مثل انتماء طميمة إلى أسرة قضاة سلجماسة، أو خيانة جرمون لقبيلته التي تسببت في تعيينه عاملًا على سلا.

       المكان في النص يتمحور حول فضاء الاستقبال والاستضافة، الذي يعكس بدوره الفضاء الاجتماعي والثقافي للدولة المخزنية. الأمكنة في النص محددة بدقة، وتتراوح بين بلاد تامسنا، حيث يبدأ الموكب، ومدينة فاس، حاضرة السلطان. نهر أبي رقراق يمثل فضاءً رمزيًا لاستقبال الضيف، بينما تتوزع الأحداث في أمكنة مثل دار ابن الحفيد وأبواب المدينة.

  • الشخصية المحورية في النص هي ابن الحفيد، قاضي قضاة سلا، الذي يتمتع بمكانة اجتماعية وسياسية مرموقة. ابن الحفيد يظهر كشخصية متزنة وذات نفوذ، إذ يُكلّف بترتيب استقبال الضيف السلطاني. الشخصية الأخرى الهامة هي العامل جرمون، الذي يظهر كنقيض لابن الحفيد، شخصية انتهازية طموحة تسعى للتفوق والسيطرة، مما يخلق نوعًا من الصراع الضمني في النص.
  • المبعوث السلطاني ابن الجورائي، يمثل السلطة المركزية، وهو شخصية تحمل رمزية سياسية قوية، كونه مشاور السلطان وموفده إلى المدن.
  • الشخصيات الثانوية تشمل طميمة، زوجة ابن الحفيد، والخبير، وكل منهما يؤدي دورًا في تسهيل الحدث الرئيسي.

        يستخدم النص “حفل استقبال” ضمير الغائب في السرد، مع سارد متمظهر بمظهر المحايد، الذي ينقل الأحداث بدقة وواقعية. السارد يتبنى رؤية محايدة يصف الشخصيات ويبين دوافعها النفسية والثقافية.

          يعكس النص جزءًا من تاريخ المغرب السلطاني، حيث يعرض الانسجام بين طبقات المجتمع والدولة المخزنية من خلال بروتوكولات الاستقبال والتشريف. النص يوظف السرد التاريخي لإبراز مشاهد ولاء النخب للدولة، ويستعرض التنافسات الخفية في ظل السلطة.

لتحميل درس تحليل نص حفل استقبال لأحمد التوفيق الجذع المشترك آداب وعلوم إنسانية اضغط على الرابط في الأسفل:

زر الذهاب إلى الأعلى