الثانوي التاهيلي

تحليل نص انبعاث الشعر العربي لمحمد الكتاني

الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانيةاللغة العربيةتحليل نص “انبعاث الشعر العربي” لمحمد الكتاني

      عرف الشِّعر العربي قبل عصر النهضة في القرن التاسع عشر جموداً وانحطاطاً. سيطرت عليه ظواهر التصنُّع والتكلُّف، وأصبح الشعراء يهتمون بالشكل أكثر من المعنى، فأفرطوا في استخدام البديع، وتفاهت الأغراض التي تناولوها. ولكن مع هبوب رياح النهضة العربية، ظهر شعراء أطلق عليهم “شعراء البعث والإحياء”، الذين بذلوا جهدًا لإعادة الحياة إلى الشعر العربي. هؤلاء الشعراء استلهموا النموذج القديم لشعراء العصور الذهبية، خاصة العصر العباسي، وحاولوا مجاراتهم في بناء الصور وتشكيل المعاني والإيقاع والأسلوب، ومن أبرزهم محمود سامي البارودي، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم.

    محمد الكتاني: كاتب وناقد مغربي، يعتبر من بين النقاد الذين أسهموا في تطوير المنظور النقدي الذي يعرّف بخصائص شعر إحياء النموذج، وذلك من خلال مجموعة من كتبه النقدية، وبالأخص منها: “الصراع بين القديم والجديد في الأدب العربي الحديث”.

      مع استقرار حركة إحياء النموذج على أسس ثابتة، ظهرت بجانبها حركة نقدية قوية دعمت هذا الاتجاه. أسهمت هذه الحركة في تعزيز فهم خصائص حركة الإحياء والتعريف بها، ودافعت عنها في معارك نقدية طويلة مع أنصار الحداثة والتجديد. اعتمدت تلك الدراسات النقدية على استخدام المناهج الحديثة لدراسة أعمال الشعراء. من أبرز النقاد الذين درسوا هذه الحركة، نجد شوقي ضيف، أدونيس، ومحمد مندور. أما صاحب النص “محمد الكتاني”، فقد كان من أبرز الباحثين المغاربة الذين تناولوا حركة إحياء النموذج بالدراسة والنقد.

     إذا نظرنا إلى العنوان “انبعاث الشعر العربي”، نجد أنه مركب إضافي يثير في الأذهان فكرة الإحياء بعد الموت. يُلمح العنوان إلى أن الشعر العربي قد مر بمرحلة انحدار، لكنه عاد إلى الحياة عن طريق العودة إلى الجذور التقليدية. يستنتج من العنوان أن النص سيتناول حركة إحياء الشعر، وهي الحركة التي قادت هذا التحول.

    من خلال النظر إلى شكل النص وبعض المفردات الدالة مثل “إحياء القديم”، “موت المعاني”، و”انتعاش الروح القومية”، يمكننا افتراض أن النص هو مقالة أدبية حجاجية تتناول حركة إحياء النموذج في الشعر العربي.

      أهم القضايا التي يعالجها النص تتفرع إلى مجموعة من الثنائيات المشهورة في النقد، بالإضافة إلى بعض الإشكالات الأدبية:

  • قضية اللفظ والمعنى: هذه الثنائية حاضرة في المقالة عند الحديث عن انحطاط الشعر في العصور السابقة. تركز حركة الإحياء على تصحيح هذا الخطأ بإعادة التوازن بين اللفظ والمعنى.
  • قضية الطبع والصنعة: يشير النص إلى أن شعراء عصر الانحطاط اعتمدوا على الصنعة والتكلُّف في الشعر، بينما شعراء الإحياء يرون أن الشعر هو تعبير طبيعي عن العواطف دون تكلف.
  • قضية عمود الشعر: يعالج النص هذه القضية عبر تناول خصائص الشعر الإحيائي، الذي يعود إلى الأسس التقليدية للشعر العربي.
  • مفهوم الشعر ووظيفته: يعرض النص مفهوم الشعر الإحيائي بوصفه تعبيراً عن الوجدان والخيال، ويرى أن وظيفة الشعر تتجاوز مجرد التسلية إلى كونه وسيلة لتهذيب النفس والمجتمع.

     في معالجة قضية “انبعاث الشعر العربي”، استخدم الكاتب مجموعة من الأدوات المنهجية التي ساعدته على إيصال فكرته بوضوح حيث بدأ بتوضيح مظاهر انحطاط الشعر قبل النهضة، وانتقل تدريجياً إلى بيان دور حركة الإحياء في تصحيح تلك المظاهر.

     اعتمد الكاتب على أسلوب المقارنة بين الشعر في عصر الانحطاط وشعر الإحياء، كما لجأ إلى استخدام التفسير والوصف لتوضيح خصائص الشعر الإحيائي. إضافة إلى ذلك، استعان بأسلوب الاستنباط، حيث انتقل من العام إلى الخاص، وركز على تقديم أمثلة دقيقة تدعم حججه.

      استخدم الكاتب لغة تقريرية مباشرة تعتمد على المفردات النقدية الدقيقة مثل “إحياء الصورة القديمة”، “جزالة الألفاظ”، و”نصاعة المعنى”، مما أعطى النص طابعًا أكاديميًا جادًا.

      في النهاية، يتضح أن الكاتب قد نجح في تحقيق هدفه من خلال تقديم عرض شامل ومقنع لحركة إحياء النموذج في الشعر العربي. النص يستند إلى تحليل عميق لخصائص هذه الحركة، ويعكس فهماً دقيقاً لدورها التاريخي في استعادة الشعر العربي إلى مساره الصحيح.

     لقد أثبتت حركة إحياء النموذج أنها كانت ضرورية لإعادة الشعر العربي إلى حياته الفنية والجمالية، بعد أن طغت عليه مظاهر الضعف والانحطاط.

لتحميل درس تحليل نص انبعاث الشعر العربي لمحمد الكتاني الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانية اضغط على الرابط في الأسفل:

زر الذهاب إلى الأعلى