الثالثة إعدادي | الاجتماعيات | اليابان قوة تكنولوجية |
اليابان قوة تكنولوجية
اليابان قوة تكنولوجية
التقديم الإشكالي
تُعد اليابان نموذجًا فريدًا في مجال التنمية الاقتصادية والتكنولوجية، حيث استطاعت أن تتحول إلى قوة صناعية عالمية كبرى رغم افتقارها للموارد الطبيعية، وتعرضها لتحديات طبيعية قاسية. ومع ذلك، تمكنت من تحقيق إنجازات مبهرة، إذ تساهم بنسبة 15% من الإنتاج العالمي.
فما العوامل التي ساهمت في تفوق اليابان تكنولوجيًا؟
وأين تتجلى مظاهر هذه القوة؟
التحديات الطبيعية التي تواجه اليابان
تقع اليابان في شرق آسيا، وتمتد على مساحة تُقدَّر بـ 377,835 كيلومترًا مربعًا، بين دائرتي عرض 24° و46° شمال خط الاستواء. تتكون من أرخبيل يضم حوالي 3000 جزيرة، منها أربع جزر رئيسية هي: هوكايدو، هونشو، شيكوكو، وكيوشو. وتغلب عليها التضاريس الجبلية التي تغطي 85% من مساحتها، مما يحد من المساحات الصالحة للزراعة والتي لا تتجاوز 15%، وهو ما يؤثر سلبًا على الإنتاج الفلاحي.
تعاني اليابان من كوارث طبيعية متكررة، حيث تقع في منطقة زلزالية نشطة، إذ تُسجَّل فيها 5000 هزة أرضية سنويًا، بعضها عنيف مثل زلزال كوبي عام 1995، الذي خلف أكثر من 6500 قتيل. كما تشهد البلاد نشاطًا بركانيًا مكثفًا، بالإضافة إلى الأعاصير التي تضربها بانتظام، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف صيانة وإعادة بناء البنية التحتية.
وتواجه اليابان كذلك نقصًا حادًا في الموارد الطبيعية، حيث تعتمد على الاستيراد لتلبية احتياجاتها الصناعية، إذ تستورد سنويًا حوالي 72.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، و1.9 مليار برميل من النفط، و3.2 مليون طن من الفحم الحجري. بالمقابل، يُعد الماء المورد الطبيعي الأبرز في اليابان، حيث يُستخدم بفعالية في الزراعة، مما يساعدها في تحقيق معدلات إنتاج زراعي مرتفعة، إلى جانب المساهمة في إنتاج الطاقة الكهربائية.
دور العنصر البشري في تطوير الاقتصاد الياباني
تتميز اليابان بساكنة ذات خصائص ديمغرافية واقتصادية واجتماعية تعكس مستوى تطورها الاقتصادي. فعدد سكانها حوالي 127 مليون نسمة (2003)، مما يجعلها سوقًا استهلاكية ضخمة بقدرة شرائية مرتفعة، حيث يبلغ معدل الدخل الفردي 34,010 دولار.
تُشكِّل الفئة النشيطة 68% من السكان، مما يوفر يدًا عاملة مؤهلة بدرجة عالية، حيث تبلغ نسبة التعليم 99%، مما يضمن تلبية احتياجات القطاعات الصناعية والتجارية المتطورة، وهو ما ينعكس على انخفاض معدل البطالة، الذي لا يتجاوز 5.1%.
وتُسجِّل اليابان واحدًا من أدنى معدلات النمو الديمغرافي عالميًا، لكنها في المقابل تمتلك أعلى معدل أمد حياة في العالم (81 سنة)، مما يعكس التقدم الكبير في مستوى الرعاية الصحية وتحسين ظروف المعيشة. كما أن 79% من السكان يعيشون في المدن، مما يسهم في تكثيف الأنشطة الاقتصادية، ويُعرف الشعب الياباني بتقديسه للعمل، حيث يبلغ متوسط ساعات العمل 2000 ساعة سنويًا، مقارنة بـ 1650 ساعة في فرنسا.
دور التنظيم الاقتصادي في تطور الصناعة اليابانية
شهدت اليابان تحولات تنظيمية كبرى منذ عهد الإمبراطور ميجي، حيث انتقلت من النظام الإقطاعي إلى تبنّي سياسة اقتصادية قائمة على الادخار والاستثمار في التعليم والصناعة، مما أسهم في بناء قاعدة صناعية قوية.
وقد اعتمدت اليابان على نظام “الكيريتسو“، الذي يقوم على إنشاء مجموعات صناعية ضخمة تتعاون فيما بينها، إلى جانب دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة. وتميزت الصناعة اليابانية بتطورها عبر مراحل متعددة، بداية من صناعة النسيج، ثم الانتقال إلى الصناعات الثقيلة، فالصناعات الاستهلاكية، وصولًا إلى الصناعات التكنولوجية المتطورة والذكية، التي أصبحت تمثل العمود الفقري للاقتصاد الياباني.
وتنتشر الاستثمارات اليابانية في مختلف أنحاء العالم، مما يُعزز مكانتها كقوة اقتصادية عالمية.
القوة الصناعية اليابانية
تُعد اليابان قوة صناعية عالمية كبرى، إذ تحتل المرتبة الأولى عالميًا في صناعة السفن والسيارات والإلكترونيات المنزلية، كما تحتل المرتبة الثانية في صناعات الفولاذ والمعلوميات الدقيقة.
وتسهم الصناعة بنسبة 31% من التشغيل، ونحو 31.8% من الناتج الداخلي الخام، وذلك بفضل عدة عوامل، من أبرزها:
- ضخامة الاستثمارات والرساميل.
- فعالية النظام الاقتصادي والتنظيم الصناعي.
- التركيز على الصناعات عالية التكنولوجيا.
- تأهيل العنصر البشري وتوفّر يد عاملة ماهرة وكفؤة.
دور التكنولوجيا في دعم التجارة والزراعة اليابانية
التجارة اليابانية
يُعتبر القطاع التجاري من ركائز الاقتصاد الياباني، حيث يحقق ميزانها التجاري فائضًا دائمًا، بفضل ارتفاع قيمة الصادرات. تصدر اليابان فائض إنتاجها، حيث تتكون صادراتها بنسبة 84% من المنتجات الصناعية، و16% من المواد الأولية، بقيمة 461.2 مليار دولار. بينما تستورد حاجياتها بنسبة 45% من المنتجات الصناعية، و55% من المواد الأولية، بقيمة 409.6 مليار دولار.
وقد استفادت التجارة اليابانية من:
- تطور شبكات المواصلات الحديثة، حيث تمتلك اليابان 1166340 كلم من الطرق، و20265 كلم من السكك الحديدية، و7000 كلم من القطارات السريعة.
- توفرها على أسطول بحري ضخم يضم 7800 سفينة.
- ضخامة الإنتاج الصناعي.
- الاستثمارات اليابانية المنتشرة عالميًا.
الفلاحة اليابانية
رغم محدودية المساحات الصالحة للزراعة، إلا أن اليابان تمكنت من تحقيق أعلى مردودية فلاحية في العالم، حيث استطاعت تأمين احتياجات سكانها الغذائية.
وقد ساعدها على ذلك:
- توظيف التكنولوجيا الزراعية المتقدمة.
- الاعتماد على البحث العلمي وتطوير تقنيات زراعية متكيفة مع طبيعة اليابان.
- توفر المياه بكثرة، مما ساعد على تطوير أنظمة الري الحديثة.
إضافة إلى ذلك، تمتلك اليابان 2800 كلم من السواحل الغنية بالثروة السمكية، مما يجعلها إحدى الدول الرائدة في إنتاج الأسماك، مدعومة بأسطول بحري متخصص ومجهز بأحدث التقنيات.
الخاتمة
رغم التحديات الطبيعية الصعبة التي تواجه اليابان، استطاعت أن تحقق نهضة اقتصادية وتكنولوجية هائلة، بفضل التركيز على تأهيل العنصر البشري والاستثمار في البحث العلمي والتكنولوجيا المتقدمة. ومنذ القرن التاسع عشر، بدأت اليابان رحلة صعودها الاقتصادي، لتصبح اليوم إحدى القوى التكنولوجية الكبرى عالميًا، مما يجعلها نموذجًا يُحتذى به في التنمية الاقتصادية المستدامة.
تحميل درس اليابان قوة تكنولوجية
لتحميل درس اليابان قوة تكنولوجية للسنة الثالثة إعدادي اضغط على الرابط في الأسفل: