الثانوي التاهيلي

تحليل نص المفاضلة بين النظم والنثر لأبي حيان التوحيدي

الجذع المشترك آداب وعلوم إنسانيةاللغة العربيةتحليل نص المفاضلة بين النظم والنثر لأبي حيان التوحيدي

        عرف النقد العربي منذ القدم شغفًا بالمفاضلة، حيث ظهرت كتب تناولت طبقات الشعراء والعلماء، وتم تصنيفهم حسب مراتبهم. في العصر العباسي تحديدًا، أصبحت المفاضلة منهجًا نقديًا دقيقًا له أسسه وإجراءاته التحليلية. وقد اشتملت المفاضلة على مقارنة الشاعر بشاعر آخر، والغرض بنظيره، وحتى الفن بأشكاله المختلفة. من أبرز الذين اشتغلوا بالمفاضلة الآمدي في كتابه “الموازنة بين الطائيين”، والقاضي الجرجاني في “الوساطة بين المتنبي وخصومه”.

كما تناول النقاد هذه القضية من خلال مناظرات طريفة ومقاربات نقدية، مثل المناظرة بين السيف والقلم، أو المفاضلة بين النثر والنظم. ومن بين الذين تركوا بصمتهم في هذا المجال أبو حيان التوحيدي الذي ساهم في النقاش من خلال كتبه، ومنها “الامتاع والمؤانسة”، و”المقابسات”، و”الهوامل والشوامل”، الذي أخذ منه هذا النص. ويأخذ النص شكل حوار حجاجي، حيث يطرح التوحيدي السؤال ويتولى مسكويه الإجابة.

       يحيل العنوان على نقاش فكري ونقدي حول المفاضلة بين نوعين أدبيين رئيسيين: الشعر والنثر. منذ العصر الجاهلي، لعب الشعر دورًا مهمًا في تلبية حاجات المتلقي المختلفة، بينما شهد النثر فترات ازدهار أعطته أهمية خاصة. يشير العنوان إلى هذا الجدل الفكري حول مكانة كل نوع أدبي، وهو الجدل الذي يسعى النص إلى إبرازه.

محمولات النص المنطقية والإخبارية:

  • طرح سؤال المفاضلة بين الشعر والنثر، مع الإشارة إلى تفضيل غالبية النقاد للشعر.
  • عرض موقف مسكويه الذي يرى أن الشعر والنثر هما تمظهران لنوع أدبي واحد.
  • تأكيد مسكويه أن أفضلية الشعر تكمن فقط في الوزن، بينما المعاني مشتركة بين النوعين.
  • تشبيه مسكويه الوزن في الشعر باللحن في الغناء.
  • اختتام النص ببيت لأبي تمام يعكس موقفًا وسطًا يتبناه التوحيدي.

       يتجلى في النص التساؤل الفلسفي حول العلاقة بين الشعر والنثر، وإمكان المفاضلة بينهما. تناولت هذه القضية جدالات حادة، حيث اعتبر البعض أن الشعر يعتمد على التخييل، بينما النثر يتميز بالإقناع. إلا أن أبا حيان، من خلال نصه، يعرض وجهة نظر تميل إلى التوسط.

      يبدأ النص بطرح إشكالية المفاضلة، حيث يرى أبو حيان أن النقاد القدماء فضلوا الشعر على النثر، دون تقديم مبررات كافية. ثم يعرض رأي مسكويه الذي يرى أن الشعر يتفوق من حيث الوزن فقط، بينما تتساوى المعاني في النوعين.

  • موقف مسكويه:
    • يرى أن الشعر والنثر هما جزء من جنس واحد هو “الكلام الأدبي”.
    • الشعر يتميز بالوزن، مما يجعله أكثر جاذبية، لكنه لا يتفوق من حيث المعاني.
    • كلا النوعين عرضة للجودة والرداءة.
  • الأسلوب الحجاجي:

      يعتمد النص على الحوار بين التوحيدي ومسكويه، حيث يطرح الأول السؤال ويقدم الثاني إجابات تحليلية تعتمد على الاستدلال العقلي والتصوير البلاغي، مثل تشبيه الأدب بالكائن الحي الذي يتفرع إلى أنواع مختلفة.

  • الحجاج والاستدلال:
    • حضور الاستفهام لتشجيع الجدل الفكري.
    • استخدام التعليل لربط الأفكار ببعضها.
    • توظيف أمثلة توضيحية لتقريب المعنى.
  • الطابع الفلسفي:
    • الاعتماد على مفاهيم تجريدية مثل: “الجوهر”، “الصورة”، “الحقيقة”.
    • الجمع بين المناظرة الفلسفية والنقاش الأدبي.
  • التوازن والاعتدال:
    التزم النص موقفًا وسطيًا، حيث لم ينحز التوحيدي إلى الشعر أو النثر، بل أكد على ضرورة الاعتراف بقيمة كل منهما.
  • غياب التحليل التطبيقي المعمق مقارنة بنقاد آخرين كالقاضي الجرجاني والآمدي.
  • الجمع بين السرد التاريخي والتحليل النقدي والفلسفي.

      تكشف المفاضلة بين النثر والشعر عن إشكالية نقدية عميقة في الأدب العربي القديم. وقد تناول أبو حيان التوحيدي هذه القضية من منظور عقلي وفلسفي، مؤكدًا على تكامل النوعين الأدبيين. ومن خلال النص، يبرز التوحيدي أهمية التوازن في الحكم النقدي بعيدًا عن التعصب، مع التركيز على القيم الجمالية والفنية لكل من الشعر والنثر. ورغم جدية الطرح النقدي، إلا أن النص يغلب عليه الطابع النظري مقارنة بالتطبيق العملي الذي نجده عند نقاد آخرين.

      تظل هذه الإشكالية مثار اهتمام النقاد حتى اليوم، حيث يُطرح السؤال: هل المفاضلة بين الشعر والنثر ذات جدوى؟ أم أن المهم هو تحليل النصوص من الداخل وتذوقها بعيدًا عن المقارنات؟

لتحميل درس تحليل نص المفاضلة بين النظم والنثر لأبي حيان التوحيدي الجذع المشترك آداب وعلوم إنسانية اضغط على الرابط في الأسفل:

زر الذهاب إلى الأعلى