المد الإسلامي وبداية التدخل الأوروبي جذع مشترك آداب

الجذع المشترك آداب وعلوم إنسانيةالاجتماعياتالمد الإسلامي وبداية التدخل الأوروبي

     خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، كان العالم المتوسطي ميدانًا للتنافس الشديد على النفوذ بين الدولة العثمانية والقوى الأوروبية. امتد هذا الصراع إلى العالم الإسلامي والأوروبي، متجاوزًا حدود البحر الأبيض المتوسط ليشمل مناطق واسعة مثل وسط أوروبا والمشرق العربي.

فما هي العوامل التي ساعدت على هذا التوسع؟ وما هي وسائل التدخل الأوروبي في العالم الإسلامي؟

      استغل عثمان الأول ضعف الإمبراطورية البيزنطية والدولة السلجوقية، وأسس إمارة تركية في شمال غرب الأناضول (آسيا الصغرى). تبعه خلفاؤه في توسيع نفوذ الدولة العثمانية داخل شبه جزيرة الأناضول، ثم انتقلوا إلى أوروبا، حيث سيطروا على أجزاء من شبه جزيرة البلقان على حساب الإمبراطورية البيزنطية.

    أعاد السلطان محمد الأول توسيع حدود الدولة العثمانية إلى ما كانت عليه قبل هزيمة 1402م أمام المغول. وتابع مراد الثاني توسيع النفوذ في البلقان، حتى جاء السلطان محمد الثاني (الفاتح) عام 1453م ليتمكن من فتح القسطنطينية، مما أدى إلى سقوط الإمبراطورية البيزنطية وضم أراضيها إلى الدولة العثمانية.

      في عهد السلطان سليم الأول، توسعت الدولة العثمانية إلى بلاد الشام ومصر والحجاز. واستمرت التوسعات في عهد السلطان سليمان القانوني وخلفه سليم الثاني، حيث سيطر العثمانيون على ليبيا وتونس والجزائر والعراق واليمن، وكذلك على أجزاء من أوروبا الشرقية. وفي عهد السلطان مراد الثالث، توسع العثمانيون نحو منطقة القوقاز، فبسطوا نفوذهم على جورجيا وأذربيجان.

     اعتمد العثمانيون على جيش منظم وقوي يتألف من فرق نظامية تشمل المشاة، المدفعية، الخيالة، والأسطول البحري المعروف بالإنكشارية، إضافة إلى فرق غير نظامية من المتطوعين والمجندين وجيش القبائل. كما اعتمدوا على وسائل عسكرية متنوعة مثل استخدام الخيول والجمال وسفن الأنهار، واتباع تكتيكات حربية وخطط عسكرية دقيقة وتنظيم عسكري صارم.

تمتعت الإدارة العثمانية بهيكلية واضحة شملت:

     قُسمت الموارد المالية المركزية إلى خزينة عامة وخزينة خاصة. وتنوعت مصادر الدخل بين ضرائب شرعية وأخرى غير شرعية، كما استفادت الدولة من توسع مساحتها الجغرافية وتزايد مواردها.

    اعتمد العثمانيون سياسة التسامح الديني، مما جعلهم يحظون بدعم الأقليات المسيحية واليهودية داخل الإمبراطورية. سمح العثمانيون لأهل الكتاب بممارسة شعائرهم الدينية، مما ساعد على توسيع النفوذ وكسب تأييد السكان المحليين في أوروبا. وقد حذر مارتن لوثر الفلاحين الأوروبيين من تأييد السلطة العثمانية ضد النبلاء والأمراء. كما استغل العثمانيون الانقسامات السياسية والدينية في أوروبا بدعمهم للقوى المعارضة للبابوية وأسرة الهابسبورغ، وأيضًا دعمهم الموريسكيين في الأندلس.

عقد الأوروبيون معاهدات تجارية مع الدولة العثمانية مكّنتهم من الحصول على مزايا عديدة، من بينها:

    اتجه البرتغاليون لاحتلال مدينة سبتة لأهميتها في طرق التجارة البحرية وقوافل التجارة بين المشرق والمغرب. واستمروا في السعي نحو المشرق العربي، حيث سيطروا على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي، بهدف القضاء على الوساطة التجارية الإسلامية والتحكم بتجارة المنتجات الآسيوية مثل التوابل والعطور.

     في تونس، حصل الإسبان على امتيازات تجارية ودينية، وفرض الإمبراطور الإسباني شرلكان ضريبة سنوية على ملك تونس، ومنعه من تقديم المساعدة للعثمانيين، والسماح للمسيحيين بحرية ممارسة شعائرهم في تونس.

     ورغم التوسع الكبير والسريع للإمبراطورية العثمانية وامتدادها في القارات الثلاث، إلا أن التدخل الأوروبي المتزايد أدى تدريجيًا إلى تراجع هذا النفوذ، مما خلق توازنًا جديدًا في المنطقة.

لتحميل درس المد الإسلامي وبداية التدخل الأوروبي الجذع المشترك آداب وعلوم إنسانية اضغط على الرابط في الأسفل:

Exit mobile version