الفلسفة الغربية المعاصرة

الجذع المشتركالفلسفةالفلسفة الغربية المعاصرة

       يرتبط بداية الفلسفة المعاصرة عادة ببداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، حيث شهدت هذه الفترة حدثين بارزين كان لهما تأثير كبير على الفلسفة. الحدث الأول هو الثورة العلمية التي أثرت في مجالات العلوم الدقيقة، مثل الرياضيات والفيزياء والبيولوجيا. أما الحدث الثاني فهو ظهور ما يُعرف بالعلوم الإنسانية، مثل علم النفس وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا.

      استفادت الفلسفة المعاصرة من هذين الحدثين، حيث توجهت أولاً إلى دراسة ونقد المعرفة العلمية في إطار ما يُسمى بالأبستمولوجيا (فلسفة العلم). وفيما يتعلق بالجانب الآخر، تناولت الفلسفة قضايا الإنسان الأساسية، مثل مسألة الإدراك والوعي وعلاقتهما بالعالم، بالإضافة إلى البحث عن معنى الوجود الإنساني ومعالجة القضايا السياسية والاجتماعية.

     كما يُلاحظ أيضًا اهتمام العديد من الفلاسفة المعاصرين بنقد المفاهيم الفلسفية التقليدية، في محاولة لتجاوز الفلسفة الميتافيزيقية وإعادة الاعتبار للجوانب المهمشة وغير المفكر فيها.

       مؤلف هذا النص هو برتراند راسل (1872 – 1970)، فيلسوف وعالم رياضيات إنجليزي، عُرف باهتمامه بالدراسات المنطقية والإبستمولوجية، بالإضافة إلى قضايا ومشكلات الفلسفة. من أهم مؤلفاته “مبادئ الرياضيات” و”مشكلات الفلسفة”.

      تكتسب المعرفة طابع العلم عندما تُبنى على أسس متينة. من بين المهام الأساسية للفيلسوف هو التفكير في مناهج العلوم والتأمل في القضايا المصيرية للإنسان. يبدأ التفكير الفلسفي التأملي عندما يصل الشخص إلى مناطق الحدود ويتجاوزها، حيث تصبح هذه المناطق مجهولة بالنسبة له. تعتبر الفلسفة مغامرة فكرية يسعى من خلالها الفيلسوف إلى البحث عن الحقيقة لذاتها، دون أي غرض آخر.

      من القضايا المهمة التي تناولتها الفلسفة المعاصرة هي العلاقة بين الفلسفة والعلم، وحدود الفصل بينهما. فالعلم يهتم بالحاجات المباشرة والحيوية والمادية، بينما تركز الفلسفة على القضايا الأخلاقية والروحية والمصيرية للإنسان.

     يصبح العلم علمًا عندما يرتكز على أسس متينة، حيث يشير ذلك إلى احتواء العلم على موضوع محدد ومعزول من جهة، واحتوائه على مفاهيم ومناهج تجريبية من جهة أخرى. تعد الفلسفة دراسة نقدية للمناهج العلمية، وتفكرًا تأمليًا في مسار العلم وأهدافه.

يمكن تقسيم وظائف الفلسفة إلى وظيفتين رئيسيتين:

  1. وظيفة أنطولوجية: استكشاف آفاق العلم ومقاصده بالنسبة للإنسان.
  2. وظيفة إبستمولوجية: نقدية تركز على مسائل وقضايا منهجية في العلم.
فلاسفة معاصرونمؤلفاتهم الأساسيةقضايا اهتموا بها
فريدريك نيتشه (ألمانيا: 1844-1900)إرادة القوة
العلم المرح
أفول الأصنام
الأخلاق
الحقيقة
الوعي
الإرادة
إدموند هوسرل (ألمانيا: 1859-1938)بحوث منطقية
تأملات ديكارتية
أزمة العلم الأوربي
الوعي والعالم الخارجي
الفلسفة والعلم
المنطق
برترند راسل (انجلترا: 1872-1970)بحث في أسس الهندسة
بحث في الرياضيات
النظريات العلمية
مشكلات الفلسفة
تحليل المعرفة العلمية
قيمة الفلسفة
قضايا أخلاقية وسياسية
مارتن هيدغر (ألمانيا: 1889-1976)ما الفلسفة ؟
الوجود والزمان
عن ماهية العقل
عن ماهية الحقيقة
تحليل المفاهيم الفلسفية
وجود ذات الإنسان ومعناه
مسألة الحقيقة
جان بول سارتر (فرنسا: 1905-1980)الوجود والعدم
نقد العقل الجدلي
الوجودية نزعة إنسانية
وجود الإنسان في العالم
قضايا سياسية
علاقة الفلسفة بالأدب
جاك دريدا (فرنسا: 1930-2004)الحق في الفلسفة
هوامش الفلسفة
الكتابة والاختلاف
نقد المفاهيم
تعليم الفلسفة
الفلسفة والأدب

     بعد أن تبين لنا في المحور الأول من المجزوءة أن ظهور الفلسفة بالمعنى الدقيق كان في بلاد اليونان القديمة، نجد في المحور الثاني أن الفلسفة انتقلت إلى بلاد الإسلام، حيث قام المسلمون بترجمة كتب الفلاسفة اليونانيين وشرحها. ومع ذلك، اهتم الفلاسفة المسلمون بقضايا عاصروا أحداثها، مثل إشكالية العلاقة بين الفلسفة والدين.

    كما انتقلت الفلسفة مجددًا إلى أوروبا في العصر الحديث، حيث عكف فلاسفتها مثل ديكارت وكانط على تناول مسألة المنهج وإمكانيات العقل وحدوده في المعرفة.

      أما الفلسفة المعاصرة، فستتجه نحو معالجة قضايا واقعية وملموسة، متخلية عن بناء الأنساق الفكرية الكبرى. وسيعمل الفلاسفة المعاصرون على تفكيك ونقد المفاهيم والنظريات الفلسفية التقليدية، إضافةً إلى اهتمامهم بقضايا العلم ونقد المعرفة العلمية.

وبهذا يتضح لنا أن الفلسفة في كل مرحلة من مراحل تطورها تفتح أمامنا آفاق جديدة وتقدم طرقًا جديدة في التفكير والتحليل.

لتحميل درس الفلسفة الغربية المعاصرة الجذع المشترك اضغط على الرابط في الأسفل:

Exit mobile version