الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا 2 باك آداب

الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانيةالاجتماعياتالحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا

      أدت السياسة الاستعمارية التي نهجتها القوى الأجنبية في كل من الجزائر وتونس وليبيا إلى بروز حركات وطنية نشيطة، استخدمت في مواجهتها وسائل متعددة، سواء كانت سياسية أو عسكرية. وقد نجحت هذه الحركات في النهاية في إرغام الاستعمار على الاعتراف بحق شعوبها في الاستقلال.

فما هو السياق التاريخي الذي نشأت فيه هذه الحركات الوطنية؟
وما التحول الذي شهدته خلال ثلاثينيات القرن العشرين؟
وكيف ساهمت الحرب العالمية الثانية في تسريع وتيرة الكفاح وصولًا إلى الاستقلال؟

      عملت فرنسا على إدماج الجزائر وجعلها جزءاً من أراضيها، فاستولت على الأراضي الخصبة ومنحتها للمعمرين، وبنت البنية التحتية من طرق وموانئ لتيسير التصدير. أدى ذلك إلى تراجع الإنتاج المعيشي، واضطر عدد كبير من السكان إلى العمل لدى المعمرين أو الهجرة إلى فرنسا. أما الصناعة، فقد ظلت محدودة قبل 1945 بسبب رفض المستثمرين الفرنسيين تطوير الجزائر صناعياً رغم وفرة اليد العاملة.

       استغلت سلطات الحماية الفرنسية الموارد المنجمية كالفوسفاط والحديد، وأنشأت البنية التحتية لخدمة مصالحها، واستحوذ المعمرون على الأراضي الزراعية الغنية. كما منحت الجنسية الفرنسية للإيطاليين وبعض الأعيان لدعم الحكم الاستعماري. وأمام هذا الاستغلال، برزت مظاهر المقاومة سواء السياسية أو المسلحة.

      بعد القضاء على المقاومة المسلحة التي قادها عمر المختار، قامت السلطات الفاشية الإيطالية بتوزيع الأراضي المصادرة على المستوطنين الإيطاليين، واستغلت السكان الليبيين في الأنشطة الزراعية والصناعية، مع فرض ضرائب ثقيلة أرهقت كاهلهم.

ساهمت هذه السياسات في زيادة عدد المستوطنين، حيث وصل عددهم في الجزائر فقط سنة 1911 إلى حوالي 359 ألف مستوطن.

      استحوذت الإدارة الاستعمارية على جزء كبير من الأراضي الزراعية، مما أوقع الفلاحين في الفقر والجهل، ودفعهم للهجرة نحو المدن والعمل في ظروف صعبة. أما البرجوازية الجزائرية فقد واجهت تهميشاً سياسياً دفعها إلى دعم الحركة الوطنية وتزويدها بالأطر.

       انهار الاقتصاد التقليدي للفلاحين والحرفيين، كما عانى العمال التونسيون من التمييز مقارنة بالأوربيين، حيث تفاوتت الأجور بشكل صارخ. وقد أدى ذلك إلى تشكل وعي سياسي تمثل في تأسيس “تونس الفتاة” سنة 1907 بقيادة الثعالبي، الذي نشر لاحقاً كتابه “تونس الشهيدة” كصرخة ضد نظام الحماية.

       أدت السياسات الفاشية إلى تهميش وتجويع السكان، مما أسهم في ظهور الحركة السنوسية كمقاومة دينية ووطنية، لكنها لم تصمد طويلاً بسبب التفوق العسكري الإيطالي.

        خلال الثلاثينيات، اشتد الهجوم على الهوية الوطنية، خصوصاً مع احتفالات فرنسا بمرور قرن على احتلال الجزائر سنة 1930، مما أدى إلى تطور الحركة الوطنية وبروز تنظيمات جديدة:

كما تم عقد المؤتمر الإسلامي الجزائري سنة 1936، الذي طالب بالمساواة دون المطالبة بالاستقلال الكامل.

        أمام تصاعد الاستيطان، ظهر تيار إصلاحي يقوده الحزب الدستوري (1920) بقيادة عبد العزيز الثعالبي، لكن محدودية إنجازاته أدت إلى انشقاق وظهور الحزب الدستوري الجديد سنة 1934 بقيادة شباب سياسي جديد طالب بإصلاحات أعمق كتقليص النفوذ الاستعماري وتوسيع المشاركة التونسية في الإدارة.

      أدى صعود الفاشية في إيطاليا إلى شن حملات عسكرية ضد المقاومة الليبية، فقاد عمر المختار حركة جهادية في برقة من 1923 إلى 1931، مستعملاً أسلوب حرب العصابات. ورغم استبساله، تم أسره وإعدامه سنة 1931.

       استغل الجزائريون خطاب الحلفاء الداعي لتقرير المصير بعد إنزال الحلفاء بالجزائر سنة 1942، وقدموا مذكرات تطالب بإلغاء السياسات الاستعمارية ومنح دستور خاص. ازداد الوعي الوطني، وبدأت الحركة الوطنية تتجه نحو المطالبة بالاستقلال بدل الإصلاح.

       شهدت تونس سنة 1946 انعقاد المؤتمر الوطني التونسي الذي ندد بالحماية ودعا للاستقلال والانضمام إلى الجامعة العربية والأمم المتحدة. كما تأسس الاتحاد العام للشغالين التونسيين بقيادة فرحات حشاد، الذي كان من الداعين إلى وحدة النضال في شمال إفريقيا.

       بعد الحرب، قسمت ليبيا بين الاحتلال الفرنسي (فزان)، والبريطاني (برقة)، والإيطالي (طرابلس). فاعترض الوطنيون على التقسيم ووجهوا مذكرة إلى القوى الكبرى سنة 1947، معبرين عن رغبتهم في الوحدة والاستقلال.

       تأسست جبهة التحرير الوطني سنة 1951، وأعلنت عن بداية الثورة الجزائرية في 1 نونبر 1954 بقيادة أحمد بن بلة، مطالبة بإقامة دولة جزائرية مستقلة. وفي 1958 تم تشكيل الحكومة المؤقتة بقيادة فرحات عباس. ومع تعنت فرنسا وتصعيد الثورة، بدأت المفاوضات بعد مجيء ديغول إلى الحكم، وانتهت بتوقيع اتفاقيات إيفيان في مارس 1962، التي أقرت بحق تقرير المصير. وفي يوليوز 1962 صوت الشعب الجزائري بأغلبية ساحقة لصالح الاستقلال.

       بعد اغتيال فرحات حشاد سنة 1952، تصاعدت المقاومة المسلحة، مما اضطر فرنسا إلى إطلاق سراح الحبيب بورقيبة سنة 1955، والدخول في مفاوضات انتهت بمنح تونس استقلالها في 20 مارس 1956.

      رفضت الأمم المتحدة مشروع تقسيم ليبيا، وأقرت في 1948 ضرورة منحها الاستقلال. وفي سنة 1951، أعلن عن استقلال المملكة الليبية تحت حكم محمد إدريس السنوسي. غير أن ارتباط النظام الليبي بالقوى الأجنبية أدى إلى ثورة معمر القذافي في فاتح شتنبر 1969، التي أنهت النظام الملكي وأعلنت الجماهيرية الليبية.

      لقد استطاعت دول المغرب العربي الثلاث انتزاع استقلالها بعد نضال طويل، جمع بين الكفاح السياسي والنضال المسلح. وبعد الاستقلال، بدأت مرحلة جديدة من التحديات تمثلت في السعي نحو التخلص من التبعية وتحقيق التنمية الوطنية.

لتحميل درس الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا للسنة الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانية اضغط على الرابط في الأسفل:

Exit mobile version