الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا

الثانية باكالوريا علوم اقتصادية | الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا |
الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا
الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا
مقدمة
خضعت عدة بلدان من المغرب العربي للاستعمار الأوروبي خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث احتلت فرنسا كلًا من الجزائر سنة 1830 وتونس سنة 1881، بينما قامت إيطاليا باحتلال ليبيا سنة 1911. وقد أدى هذا الاحتلال إلى بروز حركات وطنية مناهضة له، طالبت بالحقوق والحريات، قبل أن تتحول لاحقًا إلى المطالبة بالاستقلال التام.
فما هي ظروف نشأة هذه الحركات الوطنية؟ وما خصائصها في مرحلتين: ما بين الحربين العالميتين وبعد الحرب العالمية الثانية؟
عوامل ظهور الحركة الوطنية في الجزائر وتونس وليبيا
الاستعمار والاستغلال من أبرز أسباب نشأة الحركة الوطنية
فرض الاستعمار الأوروبي أنظمة مختلفة للتحكم بهذه البلدان:
- الجزائر وليبيا خضعتا للحكم المباشر.
- تونس خضعت لنظام الحماية، لكن الإدارة الفعلية كانت بيد السلطات الاستعمارية.
وقد أدت هذه الأنظمة إلى هيمنة الأقلية الأوروبية (فرنسيون، إيطاليون، ومالطيون) على الثروات المحلية، إذ:
- استحوذ المعمرون على أجود الأراضي الزراعية.
- احتكروا القطاعات الاقتصادية الكبرى، مثل التجارة والصناعة والمال.
- في المقابل، عانى السكان الأصليون من الضرائب المرتفعة، أعمال السخرة، الفقر والبطالة، وتعرض الحرفيون والتجار المحليون للإفلاس.
أدى هذا الواقع الظالم إلى احتقان اجتماعي كبير، ساهم في بلورة الوعي الوطني وقيام حركات مناهضة للاستعمار.
عوامل إضافية ساعدت على تنامي الوعي الوطني
ساهمت بعض التطورات الخارجية في تغذية الفكر التحرري في هذه البلدان، منها:
- خيبة الأمل من مؤتمر السلام بباريس سنة 1919، الذي تجاهل مطالب المستعمرات بالاستقلال.
- تأسيس أحزاب وطنية:
- في تونس، أسس عبد العزيز الثعالبي “الحزب الدستوري”.
- في الجزائر، أنشأ الأمير خالد “كتلة المنتجين المسلمين”.
- في ليبيا، عرفت البلاد تصاعدًا في القمع بعد صعود النظام الفاشي الإيطالي سنة 1922، فانتقل إدريس السنوسي إلى مصر، وبرز عمر المختار كزعيم للمقاومة المسلحة.
- تأثير حرب الريف في المغرب بقيادة عبد الكريم الخطابي ساهم في إلهام الوطنيين في باقي دول المغرب العربي.
خصائص الحركات الوطنية خلال فترة ما بين الحربين العالميتين
الجزائر: تعدد التيارات واختلاف التوجهات
- دعا فرحات عباس إلى الاندماج في فرنسا لتحقيق المساواة، لكنه لم يطالب بالاستقلال.
- رفض عبد الحميد بن باديس هذه الدعوة، وأسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي دعت إلى التمسك بالهوية الوطنية والدين الإسلامي واللغة العربية.
- أسس مصالي الحاج “حزب نجمة شمال إفريقيا”، الذي طالب باستقلال كامل لبلدان المغرب العربي، لكن السلطات الاستعمارية قامت بحله، فعاد لاحقًا باسم جديد: “حزب الشعب الجزائري”.
تونس: من “تونس الفتية” إلى “الحزب الدستوري الجديد”
- ظهرت بدايات الحركة الوطنية في تونس مع حزب تونس الفتية بقيادة علي باشا حامبة، لكن الاستعمار حله بسرعة.
- أسس عبد العزيز الثعالبي سنة 1920 الحزب الدستوري، الذي طالب بالإصلاحات والحقوق.
- في الثلاثينيات، قاد الحبيب بورقيبة تيارًا جديدًا داخل الحركة الوطنية، فأسس سنة 1934 الحزب الدستوري الجديد، وركز على المبادئ الثلاثة: الوطنية، العلمانية، والليبرالية.
ليبيا: استمرار المقاومة المسلحة بقيادة عمر المختار
- اعتمد عمر المختار على حرب العصابات ضد الاحتلال الإيطالي.
- اتخذ من منطقة برقة والجبل الأخضر قاعدة للعمليات الفدائية.
- ألحق خسائر فادحة بالجيش الإيطالي، لكنه أُسر سنة 1931 وأُعدم شنقًا، ما جعل منه رمزًا للمقاومة الليبية.
تطور مطالب الحركات الوطنية في الثلاثينيات
مع بداية الثلاثينيات، بدأت الحركات الوطنية في تونس والجزائر تنتقل من المطالب العامة إلى تقديم برامج سياسية واضحة:
- المطالب المشتركة شملت:
- تأسيس برلمان وطني وحكومة وطنية.
- احترام الحريات العامة (كحرية الصحافة والتجمع).
- المساواة بين السكان الأصليين والمعمرين الأوروبيين.
- فرض إجبارية التعليم وجعله باللغة العربية.
- تحسين الأوضاع المعيشية للسكان المحليين.
- قام الحزب الدستوري الجديد في تونس سنة 1934 بتأكيد نفس المطالب.
- في الجزائر، استغل الوطنيون وصول الجبهة الشعبية إلى الحكم في فرنسا سنة 1936 لتقديم مطالب جديدة في “المؤتمر الجزائري”، لكن السلطات الفرنسية رفضت الاستجابة، بل حلّت الأحزاب واعتقلت قادتها.
مواقف الحركة الوطنية بعد الحرب العالمية الثانية
ليبيا: من الاحتلال إلى الاستقلال
- خلال الحرب العالمية الثانية، احتلت القوات النازية ليبيا، ثم تم تحريرها من قبل القوات البريطانية، بمشاركة رمزية من إدريس السنوسي.
- بعد الحرب، اقترحت القوى الكبرى تقسيم ليبيا إلى مناطق نفوذ (فرنسية، إنجليزية، وأمريكية)، لكن الليبيين رفضوا ذلك.
- فقررت هيئة الأمم المتحدة منح البلاد الاستقلال، وتم إعلان المملكة الليبية سنة 1951 بقيادة إدريس السنوسي.
تونس: الكفاح السياسي والمسلح يفضي إلى الاستقلال
- ساهمت ظروف دولية، مثل هزيمة فرنسا أمام ألمانيا ودعم الأمم المتحدة لمبدأ تقرير المصير، في تقوية الحركة الوطنية التونسية.
- تأسس الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادة فرحات حشاد.
- سنة 1946، أصدرت القوى السياسية “الميثاق الوطني” الذي طالب بالاستقلال.
- بعد فشل المفاوضات مع فرنسا، اندلعت ثورة الفلاقة (الكفاح المسلح).
- بعد هزيمة فرنسا في معركة ديان بيان فو سنة 1954، اضطرت إلى التفاوض مع الوطنيين التونسيين.
- في سنة 1955، تم التوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي، لكن جيش التحرير واصل القتال حتى اضطرت فرنسا إلى الاعتراف باستقلال تونس في 20 مارس 1956.
الجزائر: الثورة الكبرى تفضي إلى الاستقلال
- شهدت الجزائر مظاهرات عنيفة سنة 1945، خاصة في سطيف، ردت عليها فرنسا بمجزرة رهيبة.
- بعد فشل المطالب السلمية، انطلقت الثورة الجزائرية الكبرى في فاتح نونبر 1954، بقيادة جبهة التحرير الوطني.
- استمرت الثورة لمدة ثمان سنوات، وسقط خلالها أكثر من مليون شهيد.
- أُسست الحكومة الجزائرية المؤقتة في القاهرة، وتم تكثيف العمليات الفدائية.
- في مارس 1962، تم توقيع اتفاقيات إيفيان، تلتها عملية استفتاء شعبي في يوليوز 1962، صوت فيه الجزائريون لصالح الاستقلال.
خاتمة
نجحت شعوب الجزائر وتونس وليبيا في طرد الاستعمار الأوروبي بفضل التضحيات والنضال السياسي والمسلح. لكن بعد الاستقلال، واجهت هذه الدول تحديات كبيرة، أبرزها التخلف الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى مشاكل الحدود، مما فرض على حكوماتها تبني سياسات تنموية شاملة لمواجهة آثار الاستعمار وبناء مستقبل مستقل.
تحميل درس الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا
لتحميل درس الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا 2 باكالوريا علوم اقتصادية اضغط على الرابط في الأسفل: