الجزائر وتونس وليبيا في مواجهة الضغوط الاستعمارية والاحتلال

الأولى باكالوريا آداب وعلوم إنسانية | الجزائر وتونس وليبيا في مواجهة الضغوط الاستعمارية والاحتلال |
الجزائر وتونس وليبيا في مواجهة الضغوط الاستعمارية والاحتلال
الجزائر وتونس وليبيا في مواجهة الضغوط الاستعمارية والاحتلال
تمهيد إشكالي
خلال القرن 19م، شهدت المنطقة المغاربية تزايد الضغوط الاستعمارية الأوروبية، انتهت بخضوع كل من الجزائر وتونس وليبيا للاحتلال المباشر من طرف قوى استعمارية مختلفة.
فما هي الأوضاع التي عرفتها الجزائر خلال هذا القرن؟
وما هي التحولات التي شهدتها تونس؟
وكيف كانت وضعية ليبيا خلال نفس الفترة؟
أوضاع الجزائر خلال القرن 19م
العوامل التي مهدت لاحتلال الجزائر من طرف فرنسا
على المستوى الداخلي
- كانت الجزائر في مطلع القرن 19م تابعة اسمياً للإمبراطورية العثمانية، وكان واليها المعروف بلقب “الداي” يحكم البلاد بمساعدة وزراء وجنود من الأتراك.
- اتسم هذا الحكم بالاستبداد السياسي، وتعددت الانقلابات العسكرية داخله، مما أدى إلى ضعف الاستقرار.
- عانت البلاد من أزمة مالية حادة نتيجة قلة الموارد، فتم اللجوء إلى فرض ضرائب ثقيلة على السكان، وهو ما أدى إلى تزايد الانتفاضات الشعبية.
على المستوى الخارجي
- سعت فرنسا إلى تحويل أنظار شعبها عن الأزمات الداخلية من خلال تحقيق نصر خارجي، فاستغل الملك الفرنسي “شارل العاشر” حادثة “المروحة” سنة 1827م كذريعة لشن حملة عسكرية على الجزائر.
- قدمت فرنسا مجموعة من المبررات لغزو الجزائر، من بينها: إنهاء ما أسمته بالقرصنة البحرية، وتحرير الأسرى الأوروبيين، ورد الاعتبار لكرامة فرنسا.
- انتهت هذه الحملة باحتلال الجزائر سنة 1830م.
مراحل الاحتلال الفرنسي ومقاومة الشعب الجزائري
- بدأ الاحتلال الفرنسي من المناطق الساحلية الشمالية، ثم امتد تدريجياً إلى داخل البلاد، وصولًا إلى الجنوب الصحراوي الذي أُخضِع نهائياً بحلول سنة 1914م.
- واجه الجزائريون الاحتلال الفرنسي بحركات مقاومة مسلحة، كان من أبرزها مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري، التي تمركزت في غرب البلاد.
- حظيت هذه المقاومة بدعم المغرب مادياً وعسكرياً، لكنها انتهت سنة 1847م بعد أسر الأمير عبد القادر.
السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر
- اعتبرت فرنسا الجزائر جزءًا من أراضيها، وفرضت عليها نظام الحكم المباشر، حيث تم تحويلها إلى “مقاطعة فرنسية”.
- شجعت الاستيطان الأوروبي، وخصوصًا الفرنسيين، ومنحتهم الجنسية والأراضي الزراعية الخصبة.
- تم استغلال موارد الجزائر بشكل مكثف، وتحويلها إلى مصدر للمواد الأولية وسوق لتصريف المنتجات الفرنسية.
- فُرضت على السكان الجزائريين ضرائب ثقيلة، وأجبروا على أداء أعمال السخرة، كما تمت مصادرة ممتلكاتهم.
أوضاع تونس خلال القرن 19م
بداية الإصلاحات وبروز الضغوط الأجنبية
- كانت تونس خاضعة اسمياً للسلطة العثمانية، ويحكمها “الباي” من الأسرة الحسينية.
- خلال النصف الأول من القرن 19م، حاول بعض البايات القيام بإصلاحات في مختلف المجالات، لكنها لم تحقق نتائج ملموسة بسبب الضغوط الأوروبية المتزايدة.
- وجدت القوى الأوروبية فرصة للتدخل عندما تم تنفيذ حكم الإعدام في حق أحد اليهود، مما أدى إلى إرغام الباي محمد على توقيع “عهد الأمان” سنة 1857م.
- منح هذا العهد للأجانب امتيازات واسعة، منها: حرية التجارة، امتلاك العقارات، وحمايتهم من قبل الدولة التونسية.
تفاقم الأزمة وتدخل فرنسا عسكريًا
- واصلت فرنسا وبريطانيا الضغط على تونس لإجبارها على المزيد من الإصلاحات التي تخدم مصالحهما الاقتصادية.
- أدى ذلك إلى تدهور الوضع المالي لتونس، وتراكم الديون، وفرض المزيد من الضرائب، ما أدى إلى اندلاع انتفاضات شعبية، أبرزها ثورة “علي بن غداهم”.
- حاول الوزير الأول “خير الدين” تطبيق إصلاحات شاملة إدارية ومالية وعسكرية وتعليمية، إلا أن تلك الإصلاحات فشلت بسبب تشابك الأزمات الداخلية والخارجية.
- في مؤتمر برلين سنة 1878م، تم التوافق بين ألمانيا وإنجلترا على منح فرنسا حق احتلال تونس، رغم اعتراض إيطاليا.
- استغلت فرنسا مناوشات حدودية مع الجزائر لتقوم بغزو تونس سنة 1881م.
نظام الحماية الفرنسي وردود الفعل التونسية
- فرضت فرنسا على تونس نظام الحماية بموجب “معاهدة باردو” سنة 1881م، وهو نظام أبقى على السلطة التونسية شكليًا، بينما سيطرت الإدارة الفرنسية على شؤون البلاد.
- عمدت فرنسا إلى استغلال تونس اقتصاديًا عبر: الاستيلاء على الأراضي الزراعية، احتكار المبادلات التجارية، وتعزيز نفوذ الجالية الأوروبية.
- واجه التونسيون الاستعمار بالانتفاضات المسلحة، كما ظهرت صحف تدعو للوعي الوطني، وتم تأسيس حزب “تونس الفتاة” الذي طالب بالاستقلال، غير أن السلطات الاستعمارية قامت بحله.
أوضاع ليبيا خلال القرن 19م ومطلع القرن 20م
الأوضاع الداخلية المتدهورة في ليبيا
- إلى غاية سنة 1835م، كانت ليبيا تحت حكم الأسرة القرمانلية، التي تميزت بسوء الإدارة، والتركيز على جمع الضرائب بطريقة تعسفية.
- اعتمدت هذه الأسرة على الجهاد البحري كمصدر للموارد، لكنه تراجع بشكل كبير بعد تحالف القوى الأوروبية للحد منه.
- نتيجة لذلك، تفاقمت الأزمات السياسية والاقتصادية داخل البلاد.
التدخل الإيطالي في ليبيا وردود الفعل الوطنية
- بدأت إيطاليا تدخلها في ليبيا من خلال الوسائل الاقتصادية، حيث فتحت فروعًا لمصرف “روما” واحتكرت المبادلات التجارية والمالية.
- كما سيطرت الشركات الإيطالية على مشاريع الاستثمار، ما مهد الطريق لتغلغلها داخل الاقتصاد الليبي.
- دخلت إيطاليا في مفاوضات استعمارية مع فرنسا، بريطانيا، والنمسا، لضمان دعمها في مشروع احتلال ليبيا.
- قابل الليبيون هذا التغلغل بتقديم عريضة سنة 1906م إلى الوالي العثماني طالبوا فيها بإعطاء الأولوية للسكان المحليين والحد من الامتيازات الأجنبية.
الاحتلال الإيطالي والمقاومة الليبية
- في أكتوبر 1911م، شرعت إيطاليا في غزو ليبيا، مما دفع الدولة العثمانية إلى التدخل العسكري للدفاع عن الإقليم.
- قادت “الحركة السنوسية” المقاومة الليبية المسلحة ضد الغزو الإيطالي، وقد لعبت دورًا مهمًا في تعبئة القبائل.
- في سنة 1912م، أُبرمت معاهدة “لوزان” بين الدولة العثمانية وإيطاليا، والتي انسحبت بموجبها الإمبراطورية العثمانية من ليبيا، فصارت ليبيا رسميًا تحت السيطرة الإيطالية.
خاتمة
تميز القرن 19م بتوسع الاستعمار الأوروبي على حساب الدول الضعيفة، مستغلاً الأزمات السياسية والاقتصادية الداخلية. وقد شمل هذا التوسع بلدانًا مغاربية مثل الجزائر وتونس وليبيا، كما أصبحت الضغوط الاستعمارية تهدد دولًا أخرى كالمغرب، الذي اختار نهج سياسة “الاحتراز” لتفادي المصير نفسه.
شرح المصطلحات
- نظام الحماية: شكل من أشكال الاستعمار، تُبقي فيه الدولة المستعمرة على الإدارة الوطنية بشكل صوري، بينما تتحكم في السلطة الفعلية.
- الحركة السنوسية: حركة دينية إصلاحية ظهرت في ليبيا، جمعت بين الدعوة الإسلامية والمقاومة السياسية والعسكرية للاستعمار.
تحميل درس الجزائر وتونس وليبيا في مواجهة الضغوط الاستعمارية والاحتلال
لتحميل درس الجزائر وتونس وليبيا في مواجهة الضغوط الاستعمارية والاحتلال اضغط على الرابط في الأسفل: