الجزاء الجنة والنار |
الجزاء الجنة والنار
الجزاء الجنة والنار
التمهيد الإشكالي
خلق الله تعالى الإنسان لغاية سامية، وجعل لحياته نهاية ومصيرًا بعد الموت، إما إلى الجنة أو إلى النار، جزاءً لأعماله. وقد بيّن القرآن الكريم والسنة النبوية هذا المصير بوضوح، ليكون دافعًا للمؤمن للعمل الصالح وترك المعاصي. فكيف عرّف الشرع الجنة والنار؟ وما الأدلة على وجودهما؟ وما هي سبل الفوز بالجنة والنجاة من النار؟ وما ثمرات الإيمان بهما في حياة الإنسان؟
النصوص المؤطرة
قال تعالى:” تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم أحسن عملا، وهو العزيز الغفور “
الملك 1-2
قال تعالى أيضا:” بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمران المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقرانا كل شيء خلقناه بقدروما امرنا الا واحدة كلمح بالبصرولقد اهلكنا اشياعكم فهل من مدكروكل شيء فعلوه في الزبر وكل صغير وكبير مستطران المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر”
القمر 46-55
قال النبي صلى الله عليه وسلم:” كل أمتي يدخل الجنة الا من ابى، قالوا ومن يأبى ؟ قال من اطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى”
رواه البخاري
توثيق النصوص
- سورة الملك: سورة مكية، عدد آياتها 30 آية، تهتم بترسيخ العقيدة الإسلامية، وخصوصًا الإيمان بالبعث والنشور، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم:
“سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر” – أخرجه الحاكم في المستدرك. - سورة القمر: سورة مكية، عدد آياتها 55 آية، تناولت مشاهد يوم القيامة، وأهوالها، مع التأكيد على وعيد الكافرين، وتنبيه المكذبين، بأسلوب إنذاري مؤثر.
القاموس اللغوي
- بيده الملك: أي أن له السيطرة المطلقة على الكون ومصير الخلق.
- ليبلوكم: ليختبركم ويمتحنكم.
- الساعة أدهى وأمر: أي أن أهوال يوم القيامة أعظم وأشد مرارة.
- سعر: نار متأججة شديدة اللهيب.
- سقر: أحد أسماء جهنم، وتدل على شدة حرارتها.
- خلقناه بقدر: أي خلقه صادر عن علم دقيق وتقدير محكم من الله تعالى.
- أشياعكم: أشباهكم وأمثالكم من الكافرين.
- الزبر: الصحف التي تحفظ فيها أعمال العباد، وتكتب فيها بدقة.
- نهر: تعني السعة والضياء.
- مقعد صدق: الجنة، وهو مجلس لا باطل فيه ولا لغو.
- مليك مقتدر: أي ملك عظيم، قدير على كل شيء.
مضامين النصوص
- بيان الغاية من خلق الموت والحياة، وهي اختبار الإنسان في عمله.
- تأكيد وقوع الساعة، ووصف دقيق لحال المجرمين في النار والمتقين في الجنة.
- الطاعة المطلقة للرسول صلى الله عليه وسلم طريق مضمون لدخول الجنة.
التحليل
الجزاء بالجنة والنار والأدلة على ذلك
مفهوم الجنة والنار
- الجنة:
- لغة: البستان الواسع الذي يستر ما بداخله.
- شرعًا: هي دار النعيم الأبدي التي أعدها الله للمؤمنين المتقين، فيها من كل صنوف الخير والفضل، وأعظمها النظر إلى وجه الله الكريم.
- النار:
- لغة: اللهيب والحرارة المحرقة.
- شرعًا: هي دار العقاب والعذاب التي أعدها الله للكافرين والمجرمين، تتعدد أنواع العذاب فيها وتتنوع درجاته.
الأدلة على وجود الجنة والنار
- أدلة نقلية:
- القرآن الكريم في مواضع كثيرة تحدث عن الجنة والنار، وربط بينهما وبين أعمال العباد، ومن بين هذه المواضع سورتي النازعات والقمر، حيث أكدت على حقيقة الجزاء، ووصفت الجنة كمأوى للمتقين والنار كمصير للمجرمين.
- أدلة عقلية:
- من تمام عدل الله وحكمته أن يفرق بين من أطاعه ومن عصاه.
- إن عدم وجود جزاء يُخِلُّ بالحكمة الإلهية ويجعل العدل باطلاً، وهذا يناقض صفات الكمال لله عز وجل.
- الرحمة الإلهية في الدنيا عامة، لكنها في الآخرة خاصة بالمؤمنين.
طريق الفوز بالجنة والنجاة من النار
الأسباب المؤدية إلى الجنة
- العلم النافع المقترن بخشية الله تعالى.
- الإيمان والعمل الصالح، وترك الكفر والنفاق وسائر أمراض القلوب.
- الإخلاص في العبادة، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم.
- طاعة الله ورسوله في السر والعلن.
- حسن الخلق، في كل العلاقات: مع الله، ومع النفس، ومع الآخرين والمجتمع.
- التوبة النصوح الدائمة، والرجوع إلى الله عند الخطأ.
- الإصلاح في الأرض، والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
رابعًا: ثمرات الإيمان بالجنة والنار
- تقوية العلاقة بالله: بمحبة الله ورسوله، والاقتداء بهديه الشريف، كما في حديث:
“ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان…” - الخشوع وخشية الله تعالى: والتي تولّد التواضع والعمل الجاد.
- الطمأنينة النفسية: فالإيمان بالقدر والجنة والنار يحرر النفس من القلق، ويجعلها راضية بقضاء الله.
- توجيه العمل الصالح: العلم لا يُطلب لمجرده، وإنما لتوجيه السلوك والنية، وتصحيح العمل ليوافق شرع الله.
- عزّة المؤمن: فالشعور بالتكريم الرباني والاصطفاء من الله يمنح الإنسان رفعة وكرامة.
- الحياة الطيبة: بالإيمان والعمل الصالح، يعيش المؤمن مطمئنًا مهما كانت تقلبات الحياة.
- الدعوة إلى الله: يكون المؤمن من الدعاة إلى الله على بصيرة، مستبشرًا بوعد الجنة.
- التسلية عن متاع الدنيا الزائل: فالإيمان بالجنة يخفف الحزن عن فقدان حظ من الدنيا، ويجعل المؤمن متطلعًا للآخرة.
- شكر نعم الله: باستعمالها فيما يرضي الله، ونسبتها إليه، وتوظيفها في الطاعة.
خاتمة
يُعد الإيمان بالجنة والنار ركنًا أساسيًا من أركان العقيدة الإسلامية، يدفع المؤمن للعمل الصالح، والابتعاد عن المعاصي، ويملأ قلبه بالرجاء والخوف في آنٍ واحد. فالجنة مأوى من أطاع، والنار جزاء من عصى. والمؤمن الحق هو من يعمل للآخرة كأنها قريبة، يسعى للفوز برضى الله ونعيمه الأبدي.
تحميل درس الجزاء الجنة والنار
لتحميل درس الجزاء الجنة والنار للجذع المشترك اضغط على الرابط في الأسفل: