التوحيد والحرية الثانية باكالوريا

الثانية باكالورياالتربية الإسلاميةالتوحيد والحرية
التوحيد والحرية الثانية باكالوريا

       عندما عادت فاطمة من عملها، وجدت أمها تحزم أمتعتها مستعدة للسفر مع أختها المريضة إلى ضريح مولاي إبراهيم طلباً للشفاء. سألت فاطمة أمها: “إلى أين يا أمي؟” فأجابت الأم: “إلى موسم مولاي إبراهيم، عسى أن تُشفى أختك المسكينة. فقد أخبرتني جارتنا أن ابنها شُفي تماماً ببركة هذا الولي الصالح.” فاعترضت فاطمة غاضبة وقالت: “يا أمي، ألم تعلمي أن طلب الشفاء من غير الله نوع من الشرك الذي حرمه الله؟ قال تعالى: ‘وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير’، وقال أيضاً على لسان إبراهيم عليه السلام: ‘وإذا مرضت فهو يشفين.’

التوحيد لغة واصطلاحاً: التوحيد لغةً يعني “جعل الشيء واحداً”، ومنه قولهم: “وحَّد الشخص البلدة” أي جعلها واحدة تحت قيادة موحدة. في الاصطلاح الشرعي، التوحيد هو إفراد الله تعالى بالعبادة، الربوبية، والأسماء والصفات. بعبارة أخرى، التوحيد هو الاعتراف بأن الله وحده هو الخالق والمستحق للعبادة، وأنه ليس له شريك في ألوهيته أو سلطانه أو أسمائه وصفاته.

الحرية لغة واصطلاحاً: الحُرِّيَة في اللغة تعني الخلوص من الرق أو الشوائب، وتأتي بمعنى عدم الخضوع أو التبعية لأي جهة. اصطلاحاً، الحرية تعني قدرة الإنسان على التصرف وفق إرادته وطبيعته دون خضوع لأي شكل من أشكال القهر أو العبودية. الإنسان الحر هو الذي يتصرف وفقاً لعقيدته دون أي تأثير خارجي يجبره على عكس ذلك.

      الدعوة إلى التوحيد هي في جوهرها ثورة على كل أشكال الاستبداد والاستعباد التي عانى منها الإنسان عبر العصور. فهي دعوة لتحرير الإنسان من قيود العبودية التي يفرضها البشر على بعضهم البعض، سواء كانت هذه العبودية سياسية، اجتماعية، أو فكرية. التوحيد يعني أن الإنسان يكون عبداً لله وحده، وهذا التحرر من العبودية للمخلوقات هو ما يحقق له كرامته وحريته الحقيقية.

     في ظل عقيدة التوحيد، يتمتع الإنسان بحريته الحقيقية لأنه لا يخضع لأي قوة أخرى سوى قوة الله. هذه الحرية تشمل كل جوانب الحياة: حرية الفكر، حرية التعبير، وحرية الاختيار. الإنسان الموحد لا يخاف إلا الله، ولا يرجو إلا الله، ولا يعبد إلا الله. هذا النوع من التحرر يعطي الإنسان قوة هائلة في مواجهة الصعاب والتحديات، لأنه يعلم أن كل شيء بيد الله.

  الإسلام جاء ليحرر العقل البشري من الخرافات والأوهام التي كانت تحكم عقول الناس في الجاهلية. كان الناس في الجاهلية يعتقدون أن الآلهة المتعددة لها القدرة على التحكم في مصائرهم، وكانوا يخضعون للكهنة والسحرة ويصدقونهم في كل ما يقولونه. جاء الإسلام بالتوحيد ليعلن أن الله وحده هو القادر على كل شيء، وأن البشر لا يمكنهم التحكم في مصائرهم إلا بإرادة الله. التوحيد حرر العقول من هذه الخرافات وأعاد للإنسان حريته الفكرية.

التوحيد يعني أن الإنسان لا يخضع إلا لله وحده، ولا يتوجه بالعبادة أو الرجاء أو الخوف إلا لله. هذا التحرر من الخضوع لغير الله يمنح الإنسان كرامته الحقيقية. الإنسان الذي يدرك أن الله هو الخالق والقادر على كل شيء لا يخاف من أي مخلوق. فلا يخضع لحاكم ظالم، ولا يتملق لصاحب سلطة، ولا يستسلم أمام كاهن أو ساحر.

في حين أن الغرب قد فهم الحرية على أنها إطلاق العنان للشهوات والغرائز، فإن الإسلام يرى أن الخضوع للشهوات هو نوع من العبودية. الإنسان الذي يخضع لشهواته يصبح عبداً لها، ويصبح غير قادر على السيطرة على نفسه. أما في ظل عقيدة التوحيد، فإن الإنسان يتعلم كيف يسيطر على شهواته ويخضعها لإرادة الله.

لتحميل درس التوحيد والحرية الثانية باكالوريا اضغط على الرابط في اللإسفل:

Exit mobile version