التنافس الامبريالي واندلاع الحرب العالمية الأولى
الأولى باكالوريا الشعب العلمية والتقنية | الاجتماعيات | التنافس الامبريالي واندلاع الحرب العالمية الأولى |
التنافس الامبريالي واندلاع الحرب العالمية الأولى
التنافس الامبريالي واندلاع الحرب العالمية الأولى
تمهيد إشكالي
شهدت أوروبا خلال القرن 19م ومطلع القرن 20م تنافسًا حادًا بين الدول العظمى، حيث سعت كل دولة إلى توسيع مناطق نفوذها الاستعماري سواء داخل القارة أو خارجها. هذا التنافس الامبريالي بين الدول الأوروبية، مصحوبًا بالتسابق نحو التسلح، ساهم بشكل كبير في تصاعد التوترات السياسية وأدى في نهاية المطاف إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى.
فما هي أبرز مظاهر هذا التنافس الامبريالي؟
وكيف ساهمت سياسة التحالفات والتسابق نحو التسلح في تأجيج التوترات؟
وما الدور الذي لعبته الأزمات الدولية في إشعال فتيل الحرب العالمية الأولى؟
مظاهر التنافس الامبريالي في القرن 19م ومطلع القرن 20م
التنافس الاقتصادي
شهدت أواخر القرن 19م وبداية القرن 20م تزايد حدة الصراع بين الدول الأوروبية من أجل السيطرة على الأسواق الخارجية، وكان الهدف الرئيسي هو تصريف فائض الإنتاج الصناعي وجلب المواد الأولية، وكذلك تصدير رؤوس الأموال والاستفادة من العمالة الرخيصة في المستعمرات. كما كانت هناك حاجة ملحة لتخفيف الأزمات الاقتصادية الداخلية عن طريق الهجرة إلى المستعمرات.
بريطانيا كانت في طليعة القوى الصناعية والتجارية خلال هذه الفترة، لكنها أصبحت مهددة من طرف ألمانيا التي شهد اقتصادها تطورًا سريعًا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي صعدت إلى الصدارة الاقتصادية لاحقًا. فرنسا، القوة الاقتصادية الرابعة، وكذلك إيطاليا وهولندا وبلجيكا، كانت أيضًا دولًا صاعدة في هذا السياق.
التنافس السياسي
ارتبطت النزاعات الأوروبية قبيل سنة 1914م بمصالح كل دولة على حدة، ويمكن تلخيص هذه المصالح على النحو التالي:
- بريطانيا: كانت تسعى إلى التحكم في الملاحة البحرية العالمية، وكانت تشعر بالتهديد من القوة البحرية الألمانية المتنامية.
- ألمانيا: اهتمت بالتوسع الاستعماري على حساب مصالح بريطانيا وفرنسا.
- فرنسا: كانت تسعى لاسترجاع منطقتي الألزاس واللورين اللتين احتلتهما ألمانيا، بالإضافة إلى استكمال بناء إمبراطوريتها الاستعمارية.
- إيطاليا: كانت ترغب في تحرير أراضيها الشمالية من السيطرة النمساوية والحصول على مستعمرات خاصة بها.
- النمسا: كانت تعارض تحرر القوميات السلافية، خاصة صربيا.
- روسيا: سعت لحماية صربيا والشعوب السلافية في منطقة البلقان.
توزعت مناطق التنافس الاستعماري على عدة مناطق مثل تونس، المغرب، مصر، البلقان، والكونغو.
بعض الأساليب والوسائل التي اعتمدتها الدول الأوروبية في إطار التنافس الامبريالي
في إطار التنافس الاستعماري، اعتمدت الدول الأوروبية على إقامة تحالفات وإبرام اتفاقيات، من أهمها:
- التحالف الثلاثي بين ألمانيا وروسيا والنمسا لعزل فرنسا.
- التحالف الثنائي بين ألمانيا والنمسا في 1879م لضمان حماية ألمانيا من هجوم فرنسي محتمل.
- التحالف الفرنسي الروسي في 1892م للدفاع عن حدود البلدين ضد أي هجوم من دول التحالف الثلاثي.
- التحالف الثلاثي الألماني النمساوي الإيطالي في 1882م كتحالف دفاعي ضد أي هجوم خارجي.
- الاتفاق الودي بين فرنسا وإنجلترا في 1904م لتسوية النزاع الاستعماري حول المغرب ومصر.
- الوفاق الثلاثي بين فرنسا وإنجلترا وروسيا في 1907م، وهو حلف عسكري موجه ضد التحالف الثلاثي وخاصة ألمانيا.
التسابق نحو التسلح
كانت الدول الأوروبية، وخصوصًا تلك التي شكلت تحالفات، تعمل على تطوير قدراتها العسكرية بشكل متسارع. حيث اهتمت هذه الدول بالرفع من عدد الجنود، وتطوير العتاد الحربي البري والبحري والجوي. وكانت المنافسة محتدمة بين:
- ألمانيا وفرنسا في تطوير العتاد البري.
- ألمانيا وإنجلترا في تطوير العتاد البحري.
- فرنسا التي تفوقت في مجال تطوير العتاد الجوي.
هذا السباق المحموم نحو التسلح ساهم بشكل كبير في زيادة التوترات السياسية والعسكرية بين الدول الأوروبية، مما أدى في النهاية إلى زيادة احتمالات اندلاع النزاعات المسلحة.
تطور الوسائل التي لجأت إليها الدول الإمبريالية لتسوية خلافاتها حول مناطق النفوذ
للحفاظ على توازن القوى وتجنب النزاعات المباشرة، لجأت الدول الأوروبية إلى عقد مؤتمرات دولية لتسوية النزاعات الاستعمارية. من بين أهم هذه المؤتمرات:
- مؤتمر برلين الأول سنة 1878م، الذي عدّل معاهدة سان ستيفانو بين روسيا والإمبراطورية العثمانية.
- مؤتمر مدريد سنة 1880م لحل مشكلة الحمايات الفردية بالمغرب.
- مؤتمر برلين الثاني سنة 1884-1885م لتقسيم إفريقيا بين القوى الاستعمارية.
- مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906م لتسوية الخلافات حول المغرب.
إلى جانب هذه المؤتمرات، لجأت بعض الدول إلى إبرام اتفاقيات ثنائية لتسوية الخلافات الاستعمارية، مثل الاتفاق الفرنسي الألماني لإنهاء أزمة أكادير سنة 1911م.
بعض الأزمات الدولية التي نتجت عن التنافس الإمبريالي وأدت إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى
أزمات المغرب بين فرنسا وألمانيا
- الأزمة المغربية الأولى سنة 1905م: نتجت عن زيارة الإمبراطور الألماني كيوم الثاني لمدينة طنجة وإعلانه عن احترام سيادة المغرب، مما أثار غضب فرنسا.
- أزمة أكادير سنة 1911م: رد فعل ألمانيا على الاحتلال الفرنسي لفاس بإرسال سفينة حربية إلى أكادير، مما دفع فرنسا إلى التنازل لألمانيا عن الكونغو.
أزمات البلقان بين النمسا وصربيا
- الأزمة البلقانية الأولى سنة 1908م: ضم النمسا للبوسنة والهرسك، مما أثار غضب صربيا ودفعها إلى التوجه نحو روسيا.
- الأزمة البلقانية الثالثة سنة 1913م: نزاع حول غنائم الحرب ضد الإمبراطورية العثمانية، والذي انتهى بانتصار صربيا وحلفائها.
احتلال إيطاليا لليبيا سنة 1911م
أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية واحتلت ليبيا، مما زاد من التوتر بين القوى الأوروبية.
دور اغتيال ولي عهد النمسا في اندلاع الحرب العالمية الأولى
تزايدت التوترات بين صربيا والنمسا بعد الأزمة البلقانية الأولى، وعندما اغتيل ولي عهد النمسا، فرانسوا فيرديناند، في سراييفو سنة 1914م، جاء رد النمسا بإعلان الحرب على صربيا. هذا الحدث كان الشرارة التي أشعلت الحرب العالمية الأولى، حيث تداخلت التحالفات الدولية ودخلت جميع الأطراف في صراع شامل.
خاتمة
أسفرت التحالفات السياسية، السباق نحو التسلح، والأزمات الدولية عن تصاعد التوترات في أوروبا، ما أدى في نهاية المطاف إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى.
تحميل درس التنافس الامبريالي واندلاع الحرب العالمية الأولى
لتحميل درس التنافس الامبريالي واندلاع الحرب العالمية الأولى اضغط على الرابط في الأسفل: