الأوضاع العامة في العالم الإسلامي خلال القرنين 17 و18م جذع مشترك آداب

الجذع المشترك آداب وعلوم إنسانية | الأوضاع العامة في العالم الإسلامي خلال القرنين 17 و18م |
الأوضاع العامة في العالم الإسلامي خلال القرنين 17 و18م
الأوضاع العامة في العالم الإسلامي خلال القرنين 17 و18م
تقديم إشكالي
شهد العالم الإسلامي بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر تحولات عميقة، مست جوانب متعددة سواء في المغرب الذي كان تحت حكم الدولة السعدية ثم العلوية، أو في الإمبراطورية العثمانية وولاياتها بشمال إفريقيا.
فما هي أهم التحولات التي عرفها المغرب خلال هذه الفترة؟
وكيف أصبحت أوضاع الإمبراطورية العثمانية وولاياتها بشمال إفريقيا؟
التحولات التي شهدها المغرب خلال القرنين 17 و18م
تدهور الأوضاع بعد وفاة أحمد المنصور السعدي
الوضع السياسي
بعد وفاة السلطان أحمد المنصور الذهبي، دخل المغرب في حالة من الاضطراب السياسي بسبب غياب ولي للعهد، مما أدى إلى صراع بين أبنائه على السلطة. هذا الصراع ساهم في تمزق وحدة البلاد، وتفاقمت أوضاع الشعب المغربي نتيجة الظلم والاستبداد. كما برزت الزوايا الدينية كلاعب سياسي مؤثر، وتحولت من أدوارها الروحية والاجتماعية إلى أدوار سياسية، ومن أبرزها الزاوية الدلائية التي وسعت نفوذها ليشمل منطقة تادلة والسايس وملوية.
الوضع الاجتماعي
تدهورت الأوضاع الاجتماعية نتيجة توالي فترات الجفاف والمجاعات، وانتشار الأوبئة، مما أدى إلى ارتفاع في عدد الوفيات. كما زادت الكوارث الطبيعية مثل الزلازل من تعقيد الأوضاع المعيشية والاقتصادية للبلاد.
أسس قيام الدولة العلوية
اعتماد العلويين على النسب الشريف
استند العلويون إلى نسبهم الشريف المتصل بآل البيت النبوي، وهو ما جعل فئات واسعة من الشعب المغربي تلتف حولهم أملاً في الخلاص من الفوضى وتوحيد البلاد.
أهمية منطقة سجلماسة
أسهم الموقع الاستراتيجي لسجلماسة، الواقعة بتافيلالت، في دعم جهود العلويين في تأسيس دولتهم، حيث كانت ملتقى للطرق التجارية الصحراوية، ما وفر لهم مصادر دعم اقتصادي وسياسي.
تدابير بناء الدولة العلوية
دور المولى محمد
بعد بيعته من طرف سكان سجلماسة، تمكن المولى محمد من بسط نفوذ العلويين عبر تكوين جيش خاص أخضع به المنطقة ومحيطها، مما مهّد الطريق لتأسيس الدولة العلوية.
دور المولى رشيد
أكمل المولى رشيد مشروع توحيد البلاد بعد القضاء على أخيه المولى محمد، حيث سيطر على مناطق الريف ومكناس عام 1665م، ثم سلا وتطوان سنة 1667م، كما قضى على الزاوية الدلائية، ودخل مراكش عام 1668م، إلى أن أنهى مهمته بتوحيد المغرب سنة 1670م.
تطورات المغرب من عهد المولى إسماعيل إلى أزمة الثلاثين سنة
المولى إسماعيل
عمل المولى إسماعيل على تقوية الدولة العلوية، حيث أنشأ جيش “عبيد البخاري” الذي قام بإخماد الثورات الداخلية، وحماية القوافل التجارية، وجمع الضرائب، ومواجهة الأخطار الخارجية كالأتراك والتهديدات الأوروبية. كما وسع نفوذ الدولة إلى نواحي تلمسان شرقا، وتجاوز نهر النيجر جنوبا، بعد تغلبه على المتمردين.
أزمة الثلاثين سنة
بعد وفاته سنة 1727م، دخل المغرب في أزمة سياسية حادة استمرت ثلاثين سنة، بسبب صراع أبنائه على الحكم وتدخل الجيش في السياسة، خاصة “عبيد البخاري” الذين أصبحوا يتحكمون في تعيين وعزل السلاطين مقابل امتيازات مالية. زادت الكوارث الطبيعية من حدة الأزمة، إلى أن استطاع السلطان سيدي محمد بن عبد الله إنهاءها وإعادة الاستقرار.
أوضاع الإمبراطورية العثمانية في القرنين 17 و18م
التدهور الاقتصادي والاجتماعي
تراجعت التجارة العثمانية بسبب التفوق الأوروبي وسيطرتهم على طرق التجارة نحو الشرق الأقصى، كما تضررت الصناعة الحرفية، وتوقفت مداخيل الفتوحات. إضافة إلى ذلك، تمرد جيش الانكشارية وتدخل في السياسة من خلال تنظيم انتفاضات وعزل السلاطين. وقد انغمس السلاطين في الترف وأهملوا إدارة الدولة، مما زاد من تفاقم الوضع.
النتائج المترتبة عن التدهور
فقدت الدولة العثمانية أجزاء كبيرة من أراضيها، فبعد هزيمتها في معركة “ليبانتو” سنة 1571م، فُرضت عليها معاهدات قاسية، من أهمها معاهدة “كوجك قينارجة” التي منحت أراضٍ لروسيا والنمسا. كما فقدت إيران منطقة أذربيجان سنة 1639م. وظهرت حركات انفصالية في المشرق العربي، مثل حركة فخر الدين المعني في لبنان (1583-1635م)، والشيخ ظاهر العمر في فلسطين أواخر القرن 18م، وعلي بك الكبير في مصر حوالي سنة 1770م.
أوضاع الولايات العثمانية في شمال إفريقيا
الجزائر
استقلت إيالة الجزائر فعلياً عن الباب العالي، وأصبح الدايات يعقدون اتفاقيات مع الأوروبيين ويرفضون الخضوع للسلطان العثماني. وقد مرت الجزائر بأربع مراحل حكم:
- مرحلة البيلربايات (1518–1588م): سيطرة الولاة على الحكم وهيمنتهم على الجيش.
- مرحلة الباشاوات (1588–1659م): حاول الانكشاريون الاستيلاء على السلطة، بينما أهمل الباشاوات إدارة البلاد.
- مرحلة الآغوات (1659–1671م): استولى الانكشاريون على الحكم، فعمّت الفوضى.
- مرحلة الدايات (1671–1830م): سيطر البحارة “الرياس” على السلطة، وتكامل خلالها نظام الإدارة العثمانية في الجزائر.
تونس
ضعفت السلطة العثمانية فظهر نظام حكم محلي بيد أسرتين:
- الأسرة المرادية: ظهر الباي في شكل ملك محلي بفضل قوته الاقتصادية والعسكرية.
- الأسرة الحسينية: تولّى الحسين بن علي الحكم بفضل خبرته وانتمائه إلى العنصر الكرغلي، واستمر حكم هذه الأسرة إلى عهد الباي حمودة (1782–1814م). وقد نال البايات اعتراف السلطان بلقب الباشا، لكن محاولاتهم تقليص سلطة الجيش أدت إلى الإطاحة بهم سنة 1673م.
ليبيا
سيطر الإنكشارية على الحكم، وعينوا والياً منهم هو سليمان داي. لكن سرعان ما اندلع صراع على الحكم، أدى إلى مبايعة السكان لأحمد القرمانلي، فتأسست الأسرة القرمانلية التي حكمت ليبيا من سنة 1711م إلى عهد يوسف باشا (1795–1830م).
خاتمة
عرف العالم الإسلامي خلال القرنين 17 و18م تدهوراً شاملاً في مختلف المجالات، نتيجة الانقسامات الداخلية والضغوطات الخارجية، مما أضعفه ومهد الطريق أمام التغلغل الأوروبي الذي انتهى بإخضاع العديد من مناطقه للاستعمار.
تحميل درس الأوضاع العامة في العالم الإسلامي خلال القرنين 17 و18م
لتحميل درس الأوضاع العامة في العالم الإسلامي خلال القرنين 17 و18م اضغط على الرابط في الأسفل: