ازدهار الرأسمالية الأوربية خلال القرن 19م

السنة الثالثة إعداديالاجتماعياتازدهار الرأسمالية الأوربية خلال القرن 19م

      عرفت الرأسمالية الأوروبية ازدهارًا كبيرًا خلال القرن 19م، وقد جاء هذا الازدهار نتيجة لمجموعة من العوامل الاقتصادية والتقنية والاجتماعية. هذا الازدهار أدى إلى ظهور أشكال جديدة من التركيز الرأسمالي، والتي كان لها تأثيرات عميقة على المجتمع الأوروبي وعلى الاقتصاد العالمي.

فما هي الرأسمالية؟ وما هي مظاهر ازدهارها خلال القرن 19م؟ وما هي انعكاساتها على المجتمع الأوروبي؟

الرأسمالية هي نظام اقتصادي واجتماعي يقوم على حرية الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وحرية المبادرة والتنافس. يقوم هذا النظام على مبدأ تحقيق الربح وتطوير الإنتاج، ويتحكم السوق في توزيع الموارد والأسعار.

ساهمت مجموعة من العوامل في ازدهار الرأسمالية الأوربية خلال القرن 19م، ومنها:

  1. المظاهر التقنية: شهدت أوروبا الغربية تطورًا تقنيًا هائلًا خلال الثورتين الصناعيتين الأولى والثانية، ما أدى إلى الرفع من الإنتاج. شملت هذه التطورات الاختراعات مثل السفن البخارية، القاطرات، والتلغراف، والتي ساعدت في تسهيل النقل والاتصال.
  2. المظاهر الكمية: تزامن ازدهار الإنتاج الصناعي مع ارتفاع أسعار المواد الخام، نتيجة الطلب المتزايد عليها من قِبَل المقاولات الصناعية. أدى هذا الطلب إلى تحسين الاقتصاد الأوروبي وتوسيع الإنتاج الصناعي.
  3. تطور المؤسسات الصناعية: انتقلت البنية الصناعية من الورشات المنزلية إلى المؤسسات العائلية، قبل أن تنفتح على التمويل الخارجي، مما مهد لظهور الشركات الكبرى ذات الهياكل التنظيمية المعقدة.
  4. تطور الأبناك: لعبت الأبناك دورًا حيويًا في دعم الصناعيين عبر تقديم القروض، مما ساعد على تأسيس مؤسسات بنكية عملاقة تساهم في توجيه الاستثمارات وزيادة الإنتاجية.

التركيز الرأسمالي هو تجمع الأنشطة الاقتصادية في يد عدد محدود من الشركات الكبرى. ظهر هذا المفهوم كأحد أبرز مظاهر تطور النظام الرأسمالي خلال القرن 19م.

هناك نوعان رئيسيان من التركيز الرأسمالي:

  1. التركيز الأفقي: وهو اندماج عدة مؤسسات تنتج نفس المنتج تحت إدارة واحدة، بهدف التحكم في السوق والحد من المنافسة.
  2. التركيز العمودي: وهو اندماج مؤسسات تعمل في مراحل مختلفة من إنتاج نفس المنتج، مما يؤدي إلى تكامل عملية الإنتاج وتحسين كفاءتها.

نتج عن ظاهرة التركيز الرأسمالي مؤسسات اقتصادية كبرى أهمها:

شهدت أوروبا خلال القرن 19م تضخمًا سكانيًا كبيرًا نتيجة تحسن التغذية والتقدم الطبي، مما أدى إلى القضاء على المجاعات وزيادة متوسط العمر. ارتفعت أعداد الساكنة الحضرية بسبب هجرة الفلاحين إلى المدن بحثًا عن فرص عمل أفضل في المصانع.

أدى الازدهار الرأسمالي إلى ظهور تفاوت طبقي واضح بين:

أدت هذه الفوارق إلى ظهور النقابات العمالية التي نظمت احتجاجات وإضرابات أدت في النهاية إلى تحسين أوضاع الطبقة العاملة من خلال إصدار قوانين اجتماعية مثل حق الإضراب وتحديد ساعات العمل.

       أدى تطور الرأسمالية الأوروبية خلال القرن 19م إلى تحولات جذرية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. إلى جانب الازدهار الاقتصادي، ظهرت مشاكل اجتماعية مثل التفاوت الطبقي، ومشاكل اقتصادية أخرى تتعلق بتصريف فائض الإنتاج وفائض الرساميل. هذه المشاكل دفعت الدول الأوروبية إلى التوسع خارج حدودها فيما يعرف بالإمبريالية الأوروبية، وهو ما ساهم في إعادة تشكيل العالم في القرون التالية.

Exit mobile version