الثانوي التاهيلي

أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929م

الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانيةالاجتماعياتأزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929م

     بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، استفادت الولايات المتحدة الأمريكية من الوضع الاقتصادي العالمي، حيث دعمت الاقتصاد الأوروبي خلال عشرينيات القرن العشرين. لكن مع حلول عام 1929، واجه العالم أزمة اقتصادية حادة هددت استقرار النظام الاقتصادي العالمي وأدت إلى تداعيات سياسية كانت نذرًا لحرب عالمية ثانية.

  • ما هي أسباب ومظاهر هذه الأزمة داخل الولايات المتحدة الأمريكية؟
  • كيف انتقلت هذه الأزمة إلى باقي دول العالم الرأسمالي؟
  • وما هي الأساليب التي اعتمدتها الولايات المتحدة والعالم للتصدي لها؟

      قبل اندلاع الأزمة، شهد الاقتصاد الأمريكي تطورًا كبيرًا في الإنتاج الصناعي والزراعي، مما انعكس إيجابيًا على الوضعية الاجتماعية؛ إذ ارتفع الدخل الفردي وتحسنت القدرة الشرائية. وقد شهدت البلاد فترة ازدهار اقتصادي استمرت من 1921 حتى 1929، حيث تبنت الحكومة سياسة ليبرالية دون احتياطات كافية تجاه مخاطر التضخم وفائض الإنتاج. ورغم إشارات الأزمة في خريف 1929، استمر ارتفاع أسعار الأسهم بسبب المضاربات، مما أضعف الاستقرار الاقتصادي.

أدت عدة عوامل إلى تفاقم الأزمة، منها:

  • تراجع القروض الممنوحة من البنوك وضعف الأجور، مما تسبب في انخفاض الاستهلاك وتراكم فائض الإنتاج.
  • انخفاض الأسعار والأرباح أدى إلى إفلاس المؤسسات وتفشي البطالة.
  • قيام المستثمرين ببيع الأسهم بشكل جماعي يوم الخميس 24 أكتوبر 1929، المعروف بـ “الخميس الأسود”، ما تسبب في انهيار قيمة الأسهم وإفلاس البنوك.
  • القطاع البنكي: تزايدت حالات إفلاس البنوك خاصة المرتبطة بالمضاربات البورصوية.
  • القطاع الصناعي: عجزت العديد من المؤسسات عن سداد ديونها، مما أجبرها على الإغلاق وتسريح العمال، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج الصناعي.
  • القطاع الزراعي: انهارت أسعار المنتجات الزراعية وتراجعت أسعار المعادن، مما زاد من معاناة المزارعين.

     تسبب انخفاض الأسعار في تراجع أرباح الشركات، ما دفعها إلى تسريح عدد كبير من العمال وخفض الأجور، مما قلل الاستهلاك وزاد من فائض الإنتاج. واجهت المدن الأمريكية تدفق العاطلين الذين هجروا أراضيهم، ما زاد من انتشار الفقر وظهور أحياء الصفيح.

     كانت الدول الأوروبية تعتمد بشكل كبير على الاقتصاد الأمريكي منذ الحرب العالمية الأولى. ومع اندلاع أزمة 1929، قامت الولايات المتحدة بسحب رساميلها من الخارج وخفضت المساعدات المالية وطالبت الدول الأوروبية بسداد قروضها، ما ساهم في انتقال الأزمة إلى دول أخرى، كما تراجعت المبادلات الدولية نتيجة للسياسات الحمائية.

  • الصناعة: تراجع الإنتاج الصناعي بسبب إفلاس الشركات وانهيار قيمة أسهمها، ما أدى إلى انتشار البطالة.
  • الزراعة والتجارة: تراجعت أسعار المواد الأولية، وأتلفت بعض الدول المنتجات الزراعية لمواجهة فائض الإنتاج.
  • التجارة الدولية: تدهورت المبادلات الدولية بفعل الحماية الجمركية، ما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية.

      تسببت الأزمة في زيادة البطالة، إذ بلغ عدد العاطلين في الولايات المتحدة حوالي 14 مليون شخص، كما وصلت نسبة البطالة في ألمانيا إلى 44% في قطاع الصناعة. انتشر الفقر والجوع بين العاطلين، وظهرت أحياء الصفيح حول المدن الكبرى.

      للخروج من الأزمة، وضع الرئيس فرانكلين روزفلت برنامجًا إصلاحيًا عُرف بالخطة الجديدة (New Deal)، حيث اعتمد على مجموعة من المستشارين الأكاديميين (تروست الأدمغة) وأفكار الليبراليين الجدد لتوجيه الاقتصاد الأمريكي نحو الرأسمالية الموجهة. تضمنت الخطة مجموعة من التدابير، مثل:

  • مراقبة الدولة لعمليات الإنتاج والتسويق.
  • دعم القطاعات المتضررة كالفلاحة والصناعة.
  • تخفيض ساعات العمل لخلق فرص جديدة.
  • تخفيض قيمة الدولار لتعزيز الصادرات.
  • تنفيذ مشاريع بنية تحتية كبرى لمواجهة البطالة.
  • زيادة دور الدولة في توجيه الاقتصاد لحماية المؤسسات من الانهيار.
  • توفير فرص عمل من خلال مشاريع البنية التحتية.
  • رفع الأسعار والقدرة الشرائية لتحفيز الإنتاج.
  • تنظيم النقل والمواصلات والنظام البنكي والحد من المضاربات.

تضمنت تشريعات لإنقاذ البنوك، دعم الفلاحين، تقليل ساعات العمل، دعم الأجور، خفض الرسوم الجمركية على الصادرات.

اهتمت بمعالجة البطالة من خلال تخصيص ميزانية لدعم توفير فرص العمل وتنفيذ مشاريع بنية تحتية.

       بالرغم من معارضة بعض التيارات التقليدية، ساهمت الخطة الجديدة في إنعاش الاقتصاد الأمريكي، حيث ارتفع الإنتاج الصناعي والزراعي وانخفضت معدلات البطالة، إذ تراجع عدد العاطلين من 12.6 مليون سنة 1933 إلى 7.3 مليون سنة 1937. كما زادت المصاريف الحكومية وانتعشت المبادلات التجارية الخارجية تدريجيًا.

       نجحت الخطة الجديدة التي وضعها روزفلت في إنقاذ الولايات المتحدة من أزمتها الاقتصادية، بينما ساعدت المستعمرات فرنسا وبريطانيا على تجنب التأثيرات السلبية للأزمة. لكن الأزمة تركت تأثيرات عميقة على دول أخرى مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان، وكانت أحد العوامل التي دفعت العالم نحو حرب عالمية ثانية.

لتحميل درس أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929م الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانية اضغط على الرابط في الأسفل:

زر الذهاب إلى الأعلى