كوريا الجنوبية نموذج لبلد حديث النمو الإقتصادي

الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانية | كوريا الجنوبية نموذج لبلد حديث النمو الإقتصادي |
كوريا الجنوبية نموذج لبلد حديث النمو الإقتصادي
كوريا الجنوبية نموذج لبلد حديث النمو الإقتصادي
تمهيد إشكالي
كانت كوريا الجنوبية قبل النصف الثاني من القرن العشرين من بين الدول الفقيرة على الصعيد العالمي، إلا أنها استطاعت في غضون عقود قليلة أن تتحول إلى قوة اقتصادية عالمية تحتل المرتبة الحادية عشرة ضمن أكبر اقتصاديات العالم، مما جعل منها نموذجًا ناجحًا لبلد حديث النمو.
فما مظاهر النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية؟
وما العوامل التي ساعدت على تحقيق هذا النمو؟
وما أبرز التحديات والمشاكل التي تواجه اقتصادها؟
يحتل الإنتاج الصناعي مكانة هامة في الاقتصاد الكوري الجنوبي
دور قطاع الطاقة في دعم الاقتصاد الكوري
شهد إنتاج الطاقة في كوريا الجنوبية تطورًا ملحوظًا، خاصة في مجال الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها من مصادر متنوعة تشمل الطاقة الكهرومائية والنووية. وقد تزايد استهلاك الطاقة بشكل كبير، مما يعكس ارتفاع وتيرة النمو الاقتصادي، ويظهر أيضًا تغيرًا في بنية الاستهلاك الطاقي، حيث أصبحت البلاد تعتمد بشكل أكبر على الغاز الطبيعي مقارنة بالبترول، مما ساهم في تقليص واردات البترول في السنوات الأخيرة.
أهمية القطاع الصناعي في النشاط الاقتصادي
يشكل القطاع الصناعي ركيزة أساسية في الاقتصاد الكوري، إذ يساهم بنسبة 40.81٪ في الناتج الداخلي الخام، إلى جانب قطاع الخدمات بنسبة 55.49٪، بينما تبقى مساهمة الفلاحة ضعيفة لا تتجاوز 3.7٪.
يتميز التوزيع المجالي للنشاط الصناعي بما يلي:
- الأقطاب الصناعية الدينامية: تتركز أساسًا في الشمال الغربي (منطقة سيول) وفي الجنوب الشرقي، وتضم أهم المدن والمراكز الصناعية الكبرى.
- الأقطاب التكنولوجية: تنتشر أساسًا في الجنوب الغربي، وتضم مراكز البحث والتطوير، والمناطق الصناعية المتقدمة.
- المجالات الهامشية: تضم مناطق زراعية في الجنوب ومناطق جبلية في الشمال الشرقي قليلة الكثافة السكانية والنشاط الاقتصادي.
كما أن كوريا الجنوبية تمتلك بنية تحتية متطورة تشمل شبكة كثيفة من الطرق السيارة، وخطوط السكك الحديدية السريعة، والمطارات الحديثة، إضافة إلى امتداد ساحلي واسع يسهل عمليات التبادل التجاري مع القوى الاقتصادية الكبرى مثل اليابان والصين.
العوامل المفسرة لقوة الصناعة الكورية الجنوبية
تُعزى القوة الصناعية التي بلغتها كوريا الجنوبية إلى عدة عوامل، أهمها:
- عوامل تاريخية: استفادت البلاد من فترة الاستعمار الياباني والأمريكي، كما تلقت مساعدات مهمة بعد الحرب في إطار مشروع مارشال.
- عوامل بشرية: تتمتع كوريا الجنوبية بيد عاملة نشيطة ومؤهلة.
- دور الدولة: اتبعت الدولة سياسات تخطيطية دقيقة عبر عدة مخططات تنموية.
- دور الشركات الكبرى (الشيبول): حيث تتكتل مجموعة من الشركات الصناعية الكبرى مثل “سامسونغ”، “هيونداي”، و”كيا” ضمن تكتلات مالية قوية.
مظاهر القوة التجارية الكورية الجنوبية
خصائص المبادلات التجارية
تعتمد كوريا الجنوبية في وارداتها على المواد الطاقية، المعادن، المواد الغذائية، والتجهيزات الصناعية، بينما تصدر بشكل أساسي الأجهزة الإلكترونية والسيارات والمعدات الميكانيكية ومنتجات الملاحة.
ويُعد الفائض المستمر في الميزان التجاري من أبرز مظاهر قوة التجارة الخارجية الكورية، حيث تُحقق صادراتها قيمًا مرتفعة، كما تُعد كل من الصين، اليابان، والولايات المتحدة الأمريكية من أبرز شركائها التجاريين.
ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة
عرفت كوريا الجنوبية ارتفاعًا ملموسًا في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذ ارتفعت من 205 مليون دولار سنة 2002 إلى 4.5 مليار دولار سنة 2005.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى سياسات الدولة التي قامت بإلغاء الحواجز الجمركية منذ تسعينيات القرن الماضي، واعتماد العولمة كخيار استراتيجي منذ سنة 1993، وتحويل سلطة القرار من وزارة المالية إلى وزارة التجارة والصناعة والطاقة منذ 1999.
ومن أبرز الدول المستثمرة في كوريا الجنوبية: الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، ألمانيا، سنغافورة، وماليزيا.
دور المقومات البشرية والتنظيمية في التنمية الاقتصادية
أهمية المقومات البشرية
بلغ عدد سكان كوريا الجنوبيية حوالي 48.8 مليون نسمة سنة 2000، بعد أن كان في حدود 30 مليون نسمة سنة 1966، وتتميز البلاد بكثافة سكانية مرتفعة تقارب 487 نسمة في الكيلومتر المربع، وأمد حياة مرتفع يصل إلى 77 سنة، ونسبة تمدين تفوق 80٪.
وقد أولت الدولة اهتمامًا كبيرًا بالتعليم من خلال ضمان مجانيته، ورفع ميزانية التربية إلى ما يفوق 4.2٪ من الناتج الداخلي الخام، وإنشاء العديد من الجامعات ومراكز البحث العلمي، ما ساهم في تقليص نسبة الأمية إلى أقل من 2٪. كما ساهمت الثقافة الكونفوشيوسية في ترسيخ أهمية التعليم والانضباط.
دور العوامل السياسية والتنظيمية
- النظام السياسي الديمقراطي، الذي يتميز بتوزيع متوازن للسلطات.
- التنسيق الوثيق بين الحكومة ورجال الأعمال، بهدف دعم الصادرات والحد من الواردات.
- الاستفادة من الدعم الخارجي، خصوصًا من طرف الدول الرأسمالية في إطار الحرب الباردة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
- انتشار التجمعات الحضرية الكبرى مثل سيول وبوسان، مما يعزز النمو الاقتصادي.
مراحل تطور النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية
مرت التنمية الاقتصادية بكوريا الجنوبية بعدة مراحل متعاقبة:
- مرحلة إحلال الواردات (1951–1961)
- مرحلة تشجيع الصادرات (1962–1973)
- مرحلة بناء الصناعات الثقيلة (1973–1980)
التحديات والمشاكل التي تواجه كوريا الجنوبية
المشاكل الاجتماعية والاقتصادية
- تكبد الاقتصاد خسائر بسبب الإضرابات العمالية.
- ارتفاع أجور العمال أدى إلى ضعف القدرة التنافسية لبعض الصناعات التصديرية.
- تعرض بعض الشركات الكبرى للإفلاس، مثل “دايو” التي كانت إحدى أهم شركات السيارات، وقد تم شراء أغلب أسهمها من طرف شركة أمريكية.
التحديات البيئية
تعتمد كوريا الجنوبية بشكل كبير على مصادر الطاقة الملوثة مثل الفحم الحجري والطاقة النووية، بينما يبقى استخدامها لمصادر الطاقة المتجددة ضعيفًا، مما يُشكل تحديًا بيئيًا كبيرًا.
خاتمة واستنتاج
رغم ما تواجهه كوريا الجنوبية من تحديات بيئية، اجتماعية واقتصادية، فإن تجربتها في التنمية الاقتصادية تظل نموذجًا ناجحًا يُحتذى به، بفضل تظافر العوامل البشرية، والتنظيمية، والسياسية، ومجهودات الدولة والمجتمع، التي مكنت هذا البلد من الانتقال من الفقر إلى مصاف القوى الاقتصادية الكبرى في العالم.
تحميل درس كوريا الجنوبية نموذج لبلد حديث النمو الإقتصادي
لتحميل درس كوريا الجنوبية نموذج لبلد حديث النمو الإقتصادي اضغط على الرابط في الأسفل: