الثانوي التاهيلي

عصر الأنوار الفكر الأنجليزي والفكر الفرنسي

الجذع المشترك علوم

الاجتماعيات

عصر الأنوار الفكر الأنجليزي والفكر الفرنسي

ارتكز فكر الأنوار بأوروبا على إعمال العقل ونبذ الجهل والخرافة، وظهر أولًا خلال القرن السابع عشر الميلادي، قبل أن يتبلور ويزدهر خلال القرن الثامن عشر، خاصة في كل من إنجلترا وفرنسا.

فما هي مبادئ فكر الأنوار في إنجلترا وفرنسا؟
وما هي الخلفيات الاجتماعية والسياسية التي ساهمت في ظهوره؟
وما الوسائل التي مكنت من نشره في أوروبا؟

شهدت إنجلترا خلال القرن السابع عشر تزايد نفوذ الطبقة البورجوازية التي استطاعت أن تفرض وجودها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مما دفع الطبقة الإقطاعية إلى تطوير أساليب الإنتاج والانخراط في حركة الإصلاح لمواكبة تطورات العصر.
في المقابل، ظلت الطبقة الفقيرة تعيش أوضاعًا اجتماعية مزرية.
أما على المستوى السياسي، فرغم ما عرفته البلاد من اضطرابات وثورات، أهمها “الثورة الإنجليزية الأولى” و”الثورة المجيدة”، إلا أن النظام الملكي استمر مع بعض الإصلاحات التي عززت دور البرلمان.

يعد توماس هوبز من أبرز فلاسفة إنجلترا في القرن 17م، اشتهر بدفاعه عن الملكية المطلقة، ودعا إلى ضرورة تخلي الأفراد عن حقوقهم الطبيعية لصالح سلطة مركزية قوية تضمن الأمن والاستقرار. من أبرز نظرياته:

  • الحق الطبيعي: الحرية التي يتمتع بها كل إنسان في استعمال سلطته بما يتماشى مع إرادته.
  • الحرية: غياب العوائق الخارجية التي تحد من تصرفات الإنسان.
  • القانون الطبيعي: مجموعة القواعد المستمدة من طبيعة الإنسان، والتي تهدف إلى الحفاظ على حياته وضمان تعايشه مع الآخرين.
  • القانون الثاني: ضرورة تخلي الأفراد عن جزء من حقوقهم لصالح سلطة مركزية من أجل تحقيق السلم والأمن.

يعتبر جون لوك من أبرز مفكري فكر الأنوار بإنجلترا خلال نفس الفترة. من أهم مؤلفاته كتابه “بحث في الحكومة المدنية”، حيث قدم عدة مبادئ منها:

  • الحرية الطبيعية للإنسان: لا سلطة تعلو فوق القانون الطبيعي، ولا شرعية لسلطة دون موافقة الأفراد.
  • القانون الوضعي: التشريعات التي تسنها الدولة لتنظيم حياة المجتمع.
  • مقاومة الاستبداد: دعا جون لوك إلى ضرورة مقاومة تجاوزات الحكام الذين يسيئون استعمال السلطة الموكلة إليهم.

شهدت فرنسا خلال القرن الثامن عشر تزايد نفوذ البورجوازية اقتصاديًا واجتماعيًا، في وقت استمر فيه تحكم الطبقة الإقطاعية في مقاليد السلطة.
عرفت فرنسا أيضًا أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، تمثلت في انتشار الفقر والبطالة، مما مهّد لاندلاع الثورة الفرنسية سنة 1789م.

  • مونتسكيو: دعا إلى فصل السلطات الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية) لضمان الحرية ومنع الاستبداد.
  • فولتير: نادى بنقل السلطة السياسية من الإقطاعيين إلى البورجوازية، مع قبوله بوجود فوارق اجتماعية.
  • جان جاك روسو: قدم نظرية “العقد الاجتماعي” التي تنص على أن السيادة ملك للشعب، وأن الحكام موظفون لديهم، كما دعا إلى تحقيق الحرية والمساواة عبر القوانين التي تضعها إرادة الشعب.

كانت الصالونات الفكرية من أبرز وسائل نشر أفكار الأنوار، حيث كانت سيدات البورجوازية يستضفن المفكرين والأدباء والفنانين في قصورهن، مما وفر فضاء للنقاش وتبادل الأفكار العقلانية.
كما ازداد عدد المقاهي في المدن الأوروبية، حيث كانت تعتبر ملتقيات لمناقشة الأفكار الجديدة، ومطالعة الكتب والصحف رغم ندرتها آنذاك.

قام المفكر الفرنسي ديدرو بتزعم مشروع “الموسوعة”، وهو عمل ضخم جمع معارف البشرية إلى حدود القرن الثامن عشر، وساهم بشكل كبير في نشر الفكر العقلاني.
كما أدى انتشار المكتبات والخزانات العامة في المدن الأوروبية إلى تسهيل الوصول إلى الكتب والمعارف الجديدة، مما سرّع من انتشار فكر الأنوار في الأوساط المثقفة.

كان فكر الأنوار حدثًا فارقًا في التاريخ الأوروبي، حيث ساهم في ترسيخ قيم العقلانية والحرية والمساواة، وكان من بين العوامل الأساسية التي مهدت لاندلاع الثورات الكبرى، وفي مقدمتها الثورة الفرنسية التي غيرت مجرى التاريخ الأوروبي والعالمي.

لتحميل درس عصر الأنوار الفكر الأنجليزي والفكر الفرنسي اضغط على الرابط في الأسفل:

زر الذهاب إلى الأعلى