النص القرائي من عبق حضارتنا 3 إعدادي
![النص القرائي من عبق حضارتنا](https://telmid.com/wp-content/uploads/2024/12/من-عبق-حضارتنا-780x470.webp)
الثالثة إعدادي | اللغة العربية | من عبق حضارتنا |
النص القرائي من عبق حضارتنا
النص القرائي من عبق حضارتنا
النص القرائي من عبق حضارتنا
مدينة مبسوطة في حقول الريحان، منازلها و أسوارها وأبوابها مضمخة بالحناء، مشمولة بأردية الشمس. الشفق فيها يعبق برائحة الزيتون، والنخيل العتيق يتحدث إلى السماء بلغة الأهلة، وأشجار البرتقال تزهر في أربعة مواسم. ثراها ظل الأصيل، والعصافير ـ آلاف العصافير ـ تشقشق في أفنائها تسمعها ولا تراها، وأنت لا تدري أهي وسنانة، أم أنها تتأهب للمرح قبل أن تنام، كي تحلم بمسك الليل وبقطرات الطل تتلألأ في غضون الغسق، وبحبات الخرطال تتناثر فوق العشب الندي.
مدينة يطالعك وأنت داخل إليها رداء (ابن يوسف) يلف (الكتبية) الفرهاء الجليلة، فلا تحس بابن تاشفين، و(دار الحمراء) إلا حينما تطويك أسوار المدينة، و تظلك في دروبها عرائش الكروم والياسمين. و(أبو العباس) ـ أحد رجالها السبعة ـ يخاطبك حينما تنطلق أصوات المؤذنين من فوق الصوامع، فيحدثك عن السبحة الخضراء … عن (عياض) وأزهار رياضه عن (العود الملقى في البحر على بطنه) … فتتيه في مفاوز الزمن، وفي عينيك لؤلؤتان باردتان.
وحينما تدغدغ همسات النسيم أذنيك، تشعر وكأنك في مضارب (المرابطين) تلتقي برجالهم الملثمين في الأزقة والدروب، يحملون الشموع في أيديهم اليمنى، والكتب في اليسرى، وسرعان ما تذكر خلوة (أغمات)، وهي على مرمى الظل منك، وتذكر (الخيرالدا)، ومياه النهر الكبير تخطر في أعطاف (إشبيلية) هادئة خفيفة خضراء، و تذكر (البديع)، وفوائد الشعر معلقة في أبهائه وسراديبه وقبابه. ويشغلك المساء، فتجد نفسك في زقاق طويل منعرج، والناس في دكاكينهم قاعدون وكأنهم لم يبرحوها منذ الزمن السحيق …
حركات الأيدي قديمة، وتعابير الوجوه ثابتة لا تريم، والسواعد تتحدى الأيام والليالي … وفي بستان (المسرة) تغيب نظراتك في مياه الصهريج، فتختلط بأشباح النخيل وأطياف السماء وعيون النيلوفر، وكل شيء يبدو في لون خضرة غامقة متموجة دافئة. وتسمع الطبول والدفوف و المزامير ـ أو يخيل إليك أنك تسمعها ـ فيبدأ الرقص والسمر، ويمتزج الفرح بالوحشة، والقرب بالهجران، وبنات الأطلس في أرديتهن البيضاء، ومجاديلهن الملونة يملأن المكان ترنيما وحركة وبهجة.
الزلال في مائها زلال، والنسيم في أكنافها شفاء، والعطر في رياضها عشق وصبابة، نهارها رجاء، وليلها دعاء، وفجرها صلاة واستجابة.
محمد الصباغ، مجلة المناهل نقلا عن كتاب «المطالعة والنصوص»، االجزء الثالث، الطبعة الثنية (1988)، ص: 57 – 58.
عتبة القراءة
ملاحظة مؤشرات النص الخارجية
مجال النص
يندرج النص ضمن المجال الحضاري، حيث يبرز جوانب من التراث والتاريخ المغربي العريق.
مصدر النص
النص مقتطف من مجلة “المناهل”، نقلاً عن كتاب “المطالعة والنصوص” للكاتب المغربي محمد الصباغ.
نوعية النص
مقالة وصفية ذات بعد حضاري.
العنوان (من عبق حضارتنا)
العنوان يتألف من تركيبين: إسنادي متمثل في عبارة “من عبق”، وإضافي في “عبق حضارتنا”. يشير إلى جماليات الحضارة المغربية، ويُبرز شعور الفخر الذي يحمله الكاتب تجاه هذا التراث الغني.
بداية النص ونهايته
- بداية النص: تبدأ بوصف جمال الطبيعة في مدينة مراكش بعبارات غنية بالصور الفنية والأوصاف التي تتصل بالمجال الطبيعي (حقول الريحان، النخيل، الزيتون) والمجال الحضاري (المنازل والأسوار).
- نهاية النص: تركز على وصف مراكش من خلال الطبيعة الخلابة، متطرقة إلى عناصر مثل الماء الزلال، النسيم الشافي، والعطر الفواح، مما يُعطي إحساسًا بجمالية المكان وروحانيته.
بناء فرضية القراءة
استنادًا إلى المؤشرات الخارجية للنص، يمكننا افتراض أن النص يتناول وصف مدينة مراكش، مركزًا على معالمها الطبيعية والحضارية وتاريخها العريق.
القراءة التوجيهية
الإيضاح اللغوي
- الشفق: الضوء الذي يظهر بعد غروب الشمس.
- الأهلة: جمع هلال، وهو القمر في بداية ظهوره.
- الأصيل: وقت اصفرار الشمس قبل الغروب.
- الثرى: التراب المبلل بالماء.
- وسنانة: نائمة نومًا خفيفًا.
- الطل: مطر خفيف وناعم.
- الغسق: بداية الظلام بعد غروب الشمس.
- الفرهاء: الجميلة الحسناء.
- المضارب: خيام كبيرة تستخدم كمسكن.
- النيلوفر: زهرة مائية تنمو غالبًا في البحيرات والمسطحات المائية الهادئة.
الفكرة المحورية للنص
وصف الكاتب لجمال مدينة مراكش من خلال طبيعتها الخلابة، معالمها الحضارية، شخصياتها التاريخية، وأسلوب حياة سكانها المميز.
القراءة التحليلية للنص
الأفكار الأساسية
- وصف المظاهر الطبيعية: تصوير الكاتب لحقول الريحان، النخيل، والعصافير التي تضفي على المدينة جمالًا طبيعيًا خلابًا.
- المعالم الحضارية والتاريخية: تقديم الكاتب لمعالم مراكش العمرانية مثل الكتبية، قصر البديع، وبستان المسرة، وربطها بتاريخ المدينة وشخصياتها البارزة.
- سكان المدينة: إبراز الكاتب لتشبث سكان مراكش بتقاليدهم وأسلوب حياتهم القديم.
- أجواء الفرح والاحتفالات: وصف مظاهر البهجة في مراكش من خلال حفلات الفنون الشعبية والرقصات التي تميزها.
- الطبيعة الساحرة: التأكيد على تميز كل شيء في مراكش من مياهها العذبة، نسيمها العليل، وأجوائها الروحانية.
الموصوف الرئيسي والموصوفات الفرعية
- الموصوف الرئيسي: مدينة مراكش.
- الموصوفات الفرعية:
المجال | الأمثلة |
الطبيعة | أشجار البرتقال، العصافير، حقول الريحان، النخيل، الغسق، النسيم. |
الحضارة | الكتبية، قصر البديع، بستان المسرة، شخصيات تاريخية كابن تاشفين وأبو العباس. |
السكان | أسلوب حياتهم التقليدي، احتفالاتهم بالفنون الشعبية. |
الحقول الدلالية
- الأسماء: مدينة، الريحان، الحناء، الشمس، الغسق، النخيل، الياسمين، العصافير، النسيم، الماء.
- الأفعال: يعبق، تشقشق، تسمع، تدري، تذكر، تخطر.
- الدلالة: غلبة الأسماء على الأفعال تعكس طبيعة النص الوصفية، حيث يهدف الكاتب إلى تثبيت صور مدينة مراكش الطبيعية والحضارية في ذهن القارئ.
التركيب والتقويم
التركيب
برع الكاتب محمد الصباغ في رسم لوحة متكاملة لمدينة مراكش، حيث وصفها من جوانبها الطبيعية الساحرة، مثل الحقول الخضراء، والعصافير المغردة، إلى معالمها الحضارية والتاريخية، مثل الكتبية وقصر البديع. كما نقل لنا تفاصيل حياة سكانها الذين يحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم، مما يعكس طابع المدينة الأصيل. من خلال نصه، استطاع الكاتب أن يجعل القارئ يعيش في أجواء مراكش، مستشعرًا عبق تاريخها وجمال حاضرها.
التقويم
- قيمة حضارية: النص يعكس عظمة الحضارة المغربية من خلال إبراز المعالم التاريخية والفنية لمدينة مراكش.
- قيمة فنية: يتميز النص بجمالية الوصف ودقة التصوير، مما يجعله نصًا أدبيًا متألقًا يستحضر جمال المدينة بألفاظ وإيقاع مميزين.
- قيمة إنسانية: يعكس النص ارتباط الإنسان بجذوره واعتزازه بماضيه، وهو ما يجعل منه دعوة للتأمل في غنى التراث الإنساني.
تحميل درس النص القرائي من عبق حضارتنا
لتحميل درس النص القرائي من عبق حضارتنا للسنة الثالثة إعدادي اضغط على الرابط في الأسفل: