العالم غداة الحرب العالمية الأولى

الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانيةالاجتماعياتالعالم غداة الحرب العالمية الأولى
العالم غداة الحرب العالمية الأولى

     ما إن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى بدأت تظهر معالم التحولات الترابية والسياسية لأوروبا، وذلك من خلال مؤتمر الصلح، الذي كان يهدف إلى إعادة رسم خريطة القارة العجوز، وتحديد مصير الدول المنهزمة، وإعادة ترتيب العلاقات الدولية. في هذا السياق، نلاحظ تحولاً مهماً في الثقل الاقتصادي العالمي الذي بدأ ينزاح خارج أوروبا، مع صعود قوى جديدة إلى الساحة الاقتصادية.

     انعقد مؤتمر الصلح في قصر فرساي بباريس بين يناير ومايو 1919م، وكان هدفه الأساسي إعادة تنظيم أوروبا والعالم بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الأولى. هيمنت الدول الأربع الكبرى (الولايات المتحدة، فرنسا، إنجلترا، وإيطاليا) على المؤتمر، وكل دولة كان لها أهدافها الخاصة:

     فرضت معاهدة فرساي على ألمانيا في 28 يونيو 1919م، وكانت من أكثر المعاهدات قسوة، حيث تضمنت عدة بنود رئيسية:

كما تم توقيع معاهدات قاسية أخرى مع الدول المنهزمة، مثل:

      أدت قرارات مؤتمر الصلح إلى سقوط الإمبراطوريات الكبرى مثل الإمبراطورية الألمانية، النمساوية المجرية، العثمانية، والقيصرية الروسية. وظهرت دول جديدة على الساحة مثل تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا. كما توسعت دول مثل رومانيا التي ضمت أقاليم مولدافيا وفالاشيا.

     تم تأسيس عصبة الأمم يوم 28 أبريل 1919م لتنظيم العلاقات الدولية، استنادًا إلى المبادئ الأربعة عشر التي وضعها الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون. تهدف العصبة إلى ضمان الأمن والاستقرار الدوليين، لكن بوادر فشلها بدأت تظهر مع صعوبة فرض القرارات والتوازنات بين الدول الكبرى وعدم التزام بعض الأعضاء بأهدافها.

     أدت الحرب العالمية الأولى إلى تدمير البنية الاقتصادية لأوروبا، حيث انخفض إنتاج الفحم الحجري والزراعة وتراجع الأسطول التجاري الأوروبي. كما أن الحرب خلفت ديوناً ضخمة على دول الحلفاء لصالح الولايات المتحدة، مما جعلها تعتمد بشكل متزايد على الاقتصاد الأمريكي لتلبية احتياجاتها.

     استفادت الولايات المتحدة واليابان من الحرب بشكل كبير، حيث ارتفعت صادراتهما إلى أوروبا لتلبية حاجياتها العسكرية والغذائية. كما تضاعفت صادرات اللحوم من الأرجنتين والبرازيل إلى أوروبا، وارتفع إنتاج السكر في كوبا والبرازيل. أدى هذا إلى تراجع الدور الاقتصادي الأوروبي في التجارة العالمية لصالح قوى جديدة مثل الولايات المتحدة واليابان.

      لعبت الحرب العالمية الأولى دورًا كبيرًا في إعادة رسم الخريطة السياسية والاقتصادية لأوروبا والعالم، حيث ساهم مؤتمر الصلح في تحقيق تغييرات كبيرة على المستويين الترابي والسياسي لأوروبا، وفي الوقت نفسه، أتاح الفرصة لقوى اقتصادية جديدة مثل الولايات المتحدة واليابان بالظهور كمنافسين رئيسيين على الساحة الدولية، مما ساهم في تحول الثقل الاقتصادي العالمي خارج أوروبا. 

لتحميل درس العالم غداة الحرب العالمية الأولى للسنة الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانية اضغط على الرابط في اللإسفل:

Exit mobile version