الرمز والأسطورة
الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانية | اللغة العربية | الرمز والأسطورة |
الرمز والأسطورة
الرمز والأسطورة
الرمز: تعريفه وأهميته في الشعر الحديث
مقطع الانطلاق
يقول يوسف الخال في قصيدته ” البئر المهجورة ”:
عرفتُ إبراهيم، جاري العزيز، من
زمان عرفته بئرا يفيض ماؤها
وسائر البشر
تمر لا تشرب منها، لا ولا
ترمي بها حجر
” لو كان لي أن أنشر الجبين
في سارية الضياء من جديد ”
يقول إبراهيم في وُريْقة مخضوبة
بدمه الطليل
+++++++++++
لكن إبراهيم ظل سائرا
كأنه لم يسمع الصدى،
وقيل إنه الجنون
لعله الجنون.
تحليل المقطع
يُستخدم الرمز في هذه الأبيات للتعبير عن التضحية، حيث يمثّل “إبراهيم” شخصية متجذّرة في التراث الديني، مستلهَمة من النبي إبراهيم ونبي الله المسيح، كرمزين للتحدي والتضحية والخلاص.
أنواع الرمز في الشعر الحديث
الرمز الديني
يقول بدر شاكر السيّاب في “لأنّي غريب”:
“لأن العراق الحبيب بعيد،
وأني هنا في اشتياق إليه…
وإما هززتُ الغصون، فما يتساقط غير الردى”.
- السياب استلهم رمز مريم العذراء للتعبير عن غربته ومرضه، لكنه غيّر معالم هذا الرمز؛ فالفرق بينهما يظهر في أنّ الخوف عند مريم مرتبط بالعار، بينما عند السياب بالخوف من الموت، مما يعكس تجربة ذاتية مأساوية.
الرمز التاريخي
في قصيدة “مرثية عمر بن الخطاب” لأدونيس:
“صوت بلا وعد ولا تعلة…
… متى، متى تُضرب يا جبله؟”.
- الشاعر يستدعي شخصية عمر بن الخطاب كرمز للعدل والقصاص، معبّراً عن افتقاد هاتين الصفتين في زمنه، ليحوّل الشخصية التاريخية إلى رمز إنساني للعدل.
الرمز الطبيعي
يقول أحمد المجاطي في “الدار البيضاء”:
“ها أنا أُمسك الريح،
أنسُج من صدإ القيد راية…”.
- استوحى المجاطي الريح كرمز للثورة والتحرر من القيود، مُضفياً عليها بعداً إنسانياً يجسّد معاناة الإنسان وسعيه للحرية.
الرمز الأدبي
في “مرثية أبي نواس” لأدونيس:
“على وجهك الزمن…
… خلِّنا للعذاب الجميل والريح والشرر”.
- استعار أدونيس شخصية أبي نواس كرمز للتجديد والثورة على القيم التقليدية، ليعبّر عن تجربته الذاتية ويؤكد على النزعة التجديدية في الشعر الحديث.
الرمز الشخصي
في قصيدة “جيكور وأشجار المدينة” للسياب:
“والليل في جيكور،
تهمس فيه النجوم، أنغامها تولد فيه الزهور”.
- جعل السياب من “جيكور”، قريته الصغيرة، رمزاً للصفاء والنقاء، وربطها في مواضع أخرى بوطنه أو بالإنسانية جمعاء.
الأسطورة في الشعر الحديث
تقديم
الأسطورة هي حكايات خيالية تختلط فيها الحقائق مع القوى الغيبية، وتهدف إلى تفسير الظواهر الطبيعية. يستخدمها الشاعر المعاصر لإضفاء بعد رمزي وتجريدي على تجربته الشعرية.
مقطع الانطلاق الأول
يقول السياب في “سربروس في بابل”:
“ليعُو سربروس في الدروب،
وينبش التراب عن إلهنا الدفين،
تموزنا الطعين…”.
- استلهم السياب أسطورة “تموز” للتعبير عن معاناة العراق وأمله في انبعاث جديد، فصوّر الصراع بين الحياة (تموز) والموت (سربروس).
مقطع الانطلاق الثاني
يقول أدونيس:
“لم يزل شهريار،
حاملاً سيفه للحصاد…
… نسيت شهرزاد أن تُضيء الدروب الخفية”.
- عدّل أدونيس في أسطورة “شهريار وشهرزاد”، حيث جعل شهريار مستمراً في القتل، ليعكس وضعاً معاصراً يُعبّر عن غياب الحكمة والمعرفة في الواقع الإنساني.
أبعاد توظيف الأسطورة في الشعر
الانزياح عن الأسطورة الأصلية
- السياب عدّل في تفاصيل أسطورة تموز وعشتار، فدمج بين أساطير متعددة وأعاد تشكيلها لتعبر عن معاناة العراق، مما أكسبها بُعداً معاصراً.
- أدونيس غيّر في مضمون أسطورة شهرزاد وشهريار، لينقل رؤيته الخاصة عن المرأة والمعرفة في العصر الحديث.
الأبعاد الجمالية للأسطورة
- تُستخدم الأسطورة كأداة لتكثيف اللغة الشعرية، وخلق عالم متخيّل غني بالدلالات الرمزية والدرامية.
- تمكن الشاعر من التعبير عن قضايا إنسانية معقدة بطريقة غير مباشرة، مما يعمّق تجربة القارئ.
أشكال توظيف الأسطورة
- كمعادل موضوعي: يحتفظ الشاعر بصوته، لكن الأسطورة تدعم رؤيته.
- كقناع: يختفي الشاعر خلف الأسطورة، مما يخفف من الطابع المباشر للنص ويمنحه بُعداً رمزياً.
خلاصة واستنتاج
- الرمز والأسطورة هما أدوات فنية تُغني القصيدة الحديثة، حيث يعبّر الشاعر من خلالهما عن رؤى معاصرة بعمق وجمالية.
- يساعدان في كسر النمطية التعبيرية، ويجعلان القصيدة أكثر إيحاءً وتأويلاً، مما يعزز التفاعل بين الشاعر والقارئ.
- يستوجب فهم الرمز والأسطورة وعياً ثقافياً ومعرفةً واسعة بالسياقات التي استُلهمت منها، مما يُثري التجربة الجمالية للنص الشعري.
تحميل درس الرمز والأسطورة
لتحميل درس الرمز والأسطورة للسنة الثانية باكالوريا آداب وعلوم إنسانية اضغط على الرابط في الأسفل: