التدرب على معالجة ظاهرة اقتصادية باعتماد النهج الجغرافي

01/05/2025

التدرب على معالجة ظاهرة اقتصادية باعتماد النهج الجغرافي

جدول المحتويات

التدرب على معالجة ظاهرة اقتصادية باعتماد النهج الجغرافي

تقديم إشكالي

يهتم الجغرافي بدراسة مختلف الظواهر الطبيعية والبشرية، ويعتمد في معالجته لها على منهج علمي دقيق يُعرف بالنهج الجغرافي.
فما مكونات هذا النهج؟
وكيف يمكن تطبيقه بشكل عملي لمعالجة ظاهرة اقتصادية محددة؟

دراسة الظاهرة الاقتصادية من منظور جغرافي

عناصر العملية الاقتصادية

تتكون العملية الاقتصادية من ثلاث حلقات مترابطة، وهي:

الإنتاج: ويتنوع حسب طبيعة القطاع، فمنه ما يندرج في إطار القطاع الفلاحي كإنتاج الحبوب والخضر، ومنه ما يدخل ضمن القطاع الصناعي كإنتاج المعادن والطاقة والصناعات التحويلية، إضافة إلى القطاع الثالث الذي يشمل الخدمات مثل التجارة والنقل والسياحة.
التوزيع: يُقصد به إيصال السلع والخدمات إلى المستهلك، سواء على الصعيد المحلي أو الوطني أو الدولي، ويتم ذلك عبر وسائل النقل المتنوعة: البرية، والبحرية، والجوية.
الاستهلاك: ويتمثل في استعمال السلع والخدمات من قبل الأفراد والمؤسسات، وهو الهدف النهائي لكل نشاط اقتصادي.

منهجية وصف وتحليل الظاهرة الجغرافية

يُبنى النهج الجغرافي على ثلاث خطوات أساسية مترابطة:

الوصف

هي عملية عقلية تهدف إلى تقديم صورة دقيقة عن الظاهرة المدروسة، من خلال:

تحديد طبيعتها ونوعها.
توطينها في المجال الجغرافي.
دراسة تطورها الزمني.
إبراز مواصفاتها الكمية والنوعية (مثل الأرقام، النسب، الشكل، الامتداد، الحركة…).

التفسير

وهي مرحلة تسعى إلى تحديد الأسباب والعوامل الكامنة وراء ظهور الظاهرة وتطورها، من خلال:

استقصاء العوامل المؤثرة فيها.
الكشف عن العلاقات القائمة بين عناصر الظاهرة.
ربط النتائج بالسياقات العامة: طبيعية، بشرية، اقتصادية…

التعميم

وتتمثل هذه المرحلة في استخلاص قاعدة عامة أو مبدأ شامل، يُمكن تطبيقه على ظواهر مماثلة في مجالات أو أزمنة أخرى، وتوظيف المفاهيم والنظريات الجغرافية في التحليل.

تطبيق النهج الجغرافي على ظاهرة إنتاج الحبوب ببعض الدول الإفريقية

الوصف

تُظهر المعطيات المتعلقة بإنتاج الحبوب في أربع دول إفريقية (نيجيريا، مصر، المغرب، تونس) تباينا واضحا:

تحتل نيجيريا المرتبة الأولى بإنتاج بلغ حوالي 12.807 مليون طن.
تليها مصر بـ 11.024 مليون طن.
ثم المغرب بـ 7.262 مليون طن.
وأخيرا تونس بـ 855 ألف طن فقط.

وبحساب معدل الإنتاج في هذه الدول الأربع، والذي يبلغ 7.987 مليون طن، يمكن تصنيفها إلى مجموعتين:

دول ذات إنتاج يفوق المعدل: نيجيريا ومصر.
دول ذات إنتاج يقل عن المعدل: المغرب وتونس.

التفسير

يمكن تفسير التفاوت في إنتاج الحبوب بين هذه الدول استنادا إلى عاملين رئيسيين:

المساحة الزراعية: كلما زادت المساحات الصالحة للزراعة، ارتفع الإنتاج، وهذا ما يفسر تصدر نيجيريا الترتيب بفضل امتلاكها أكبر مساحة زراعية (31.335 مليون هكتار).
المردودية: رغم صغر مساحة الأراضي الزراعية في مصر، إلا أن مردودها المرتفع (52.54 قنطار/هكتار) جعلها تحتل المرتبة الثانية من حيث الإنتاج.

التعميم

يُستنتج من ذلك أن إنتاج الحبوب يتأثر بشكل مباشر بحجم المساحات المزروعة ودرجة مردوديتها: كلما كانت المساحات شاسعة والمردودية مرتفعة، كان الإنتاج أكبر.

التدرب على خطوات النهج الجغرافي: مثال الفلاحة في المغرب

الوصف

تتوزع الفلاحة بالمغرب إلى نمطين رئيسيين:

الفلاحة التقليدية: تستعمل أدوات بدائية (كالمحراث الخشبي) وتعتمد على التساقطات المطرية، وتمثل حوالي %85.5 من المساحة الزراعية.
الفلاحة العصرية: تستعمل معدات وتقنيات حديثة (كالجرارات وآلات الحصاد…) وتعتمد على السقي، وتشكل %14.5 فقط من الأراضي الزراعية.

وتتنوع المزروعات بين الحبوب (بنسبة 67%)، القطاني، المزروعات الزيتية والصناعية والعلفية، والخضر. وتتركز بشكل كبير في الشمال الغربي، ويتميز الإنتاج الفلاحي بالتذبذب من سنة إلى أخرى.

التفسير

تؤثر العوامل الطبيعية على النشاط الفلاحي بشكل كبير:

المساحة الصالحة للزراعة قليلة، إذ لا تتجاوز %11.7 من مجموع الأراضي، في حين تشكل الأراضي غير الصالحة %48.
المناخ: يسود مناخ متوسطي بالشمال يتميز بعدم انتظام التساقطات، ومناخ صحراوي بالجنوب يتسم بالجفاف الشديد.

هذه العوامل تفسر محدودية الإنتاج وتباينه المجالي والزماني.

التعميم

يتبين أن الإنتاج الفلاحي في المغرب مرتبط بكمية التساقطات وجودة الأراضي، حيث إن المناطق ذات المناخ الرطب والأراضي الخصبة تسجل إنتاجا أفضل مقارنة بالمناطق القاحلة والجافة.

خاتمة

إن النهج الجغرافي يُعد أداة أساسية لفهم وتحليل الظواهر الاقتصادية والاجتماعية والطبيعية. ويساعدنا تطبيقه في تفسير التحولات التي يعرفها المجال، ويدفعنا إلى اتخاذ قرارات مبنية على معرفة علمية دقيقة لتدبير الموارد وتنمية الأقاليم.