الثانوي التاهيلي

أشكال استغلال الإنسان للمجال في المدن

الجذع المشترك علومالاجتماعياتأشكال استغلال الإنسان للمجال في المدن

        يُعد المجال الحضري مجالاً دينامياً يتميز بكثافة سكانية مرتفعة، وتنوع في الأنشطة الاقتصادية التي ترتكز أساساً على التجارة، والخدمات، والصناعة. ويختلف تنظيم هذا المجال من مدينة لأخرى، سواء من حيث بنيته الداخلية أو وظائفه، وذلك حسب درجة التنمية وموقع المدينة ضمن بلدان الشمال أو الجنوب.

فما هي أبرز أشكال البنية الداخلية للمدن في كل من بلدان الشمال وبلدان الجنوب؟
وما طبيعة الوظائف التي تؤديها هذه المدن، وكيف يتم تنظيم المجال الحضري فيها؟
وما أهم المخاطر الناتجة عن الاستغلال المكثف لهذا المجال؟

تتخذ المدن أشكالاً مختلفة في بنيتها الداخلية، نتيجة التطور التاريخي، وتوسعها المجالي، وتأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية، ومن أبرز هذه الأشكال:

  • الشكل القطاعي: تتوزع المدينة في هذا النموذج إلى قطاعات شعاعية تنطلق من المركز، حيث توجد منطقة الأعمال المركزية (CBD)، وتحيط بها بشكل متعاقب:
    • المنطقة الصناعية
    • أحياء الطبقة العاملة
    • أحياء الطبقة المتوسطة
    • أحياء الطبقة الراقية
  • الشكل الدائري متعدد المراكز: تتكون المدينة من عدة حلقات دائرية تتركز في وسطها منطقة الأعمال المركزية، تليها منطقة انتقالية، ثم أحياء العمال، ثم أحياء الطبقة المتوسطة، وتنتهي بالأحياء الراقية في الأطراف.
  • الشكل المتعدد النوى: تتشكل المدينة من نوى متعددة تتوزع عبر المجال الحضري، حيث تنشأ مراكز جديدة خارج قلب المدينة، بينما تحتفظ المنطقة المركزية بوظيفتها الإدارية والتجارية.
  • نموذج الأطراف: يتخذ هذا النموذج شكلاً بيضاوياً، يغلب عليه الطابع السكني، وتتمركز وسطه المدينة القديمة، بينما تتناثر على أطرافه مراكز تجارية، ومطارات، ومناطق صناعية وخدماتية.
  • الأحياء السكنية: تحتل الحيز الأكبر من مساحة المدينة، وتختلف حسب الوضع الاجتماعي والاقتصادي للسكان:
    • أحياء هامشية فقيرة (تنتشر خاصة في بلدان الجنوب) مثل الفافيلات بالبرازيل، وأكواخ المستنقعات بجنوب شرق آسيا.
    • أحياء متوسطة (دور منخفضة وعمارات) لذوي الدخل المتوسط.
    • أحياء راقية للأغنياء، غالباً ما تقع في الضواحي أو في مراكز المدن التي أعيد تأهيلها.
  • الأحياء الوظيفية:
    • الصناعية: تقع عادة في الضواحي، خاصة الصناعات الكبرى والمزعجة، أما الصناعات الصغرى فتنتشر وسط الأحياء السكنية.
    • التجارية والخدماتية: تتركز في قلب المدينة، وتشمل مراكز التسوق، المرافق الإدارية، الأنشطة الترفيهية، والمؤسسات المالية.
    • الإدارية: تضم مقرات الجماعات المحلية، والوزارات، والبعثات الدبلوماسية، خاصة في المدن الكبرى.
  • القيادة السياسية: تقوم بها العواصم السياسية، حيث تتركز المؤسسات السيادية مثل رئاسة الدولة، البرلمان، الحكومة، والمحاكم العليا، إضافة إلى مقرات البعثات الدبلوماسية.
  • القيادة الاقتصادية: تقوم بها العواصم الاقتصادية التي تضم مقرات كبرى الشركات والمؤسسات المالية، مثل نيويورك التي تحتضن بورصة وول ستريت، والدار البيضاء التي تُعد القطب الاقتصادي للمغرب.
  • الوظيفة الصناعية: تبرز في المدن التي تحتضن أنشطة إنتاجية وتحويلية، وتستقطب الاستثمارات واليد العاملة، مثل منطقة السيليكون بسان فرانسيسكو، أو مدينة ساو باولو في البرازيل.
  • الوظيفة التجارية: تتمثل في تمركز الأنشطة التجارية على المستوى الداخلي والخارجي، وتعد المدن الكبرى مراكز توزيع واستهلاك وتصدير.
  • الوظيفة السياحية: تتخصص فيها المدن التي توفر خدمات الترفيه والاستجمام، وتتنوع حسب المؤهلات الطبيعية أو الثقافية، مثل المدن الساحلية أو التاريخية.
  • الوظيفة الدينية: تتميز بها المدن ذات الأهمية الروحية كوجهة للحج أو الشعائر الدينية، مثل مكة المكرمة للمسلمين، والفاتيكان للمسيحيين الكاثوليك، وكربلاء والنجف للشيعة.
  • الشبكة الحضرية هي مجموعة مترابطة من المدن داخل مجال معين، تأخذ شكلاً هرمياً من المدن الصغيرة نحو المدن الكبرى.
  • في بلدان الشمال، تتميز الشبكات الحضرية بالتوازن والتكامل، وتُصنف إلى:
    • شبكات أحادية القطب (كما في فرنسا وإنجلترا)
    • شبكات متعددة الأقطاب (كما في ألمانيا والولايات المتحدة)
  • في بلدان الجنوب، تعاني الشبكات الحضرية من ضعف التكامل، بسبب عوامل تاريخية كالإستعمار، وعدم التوازن الاقتصادي، وهيمنة عاصمة واحدة على باقي المدن.
  • يُقصد بالاستقطاب الحضري مدى إشعاع المدينة ونفوذها على المحيط المجاور.
  • يتباين الاستقطاب بين مدن الشمال والجنوب، إذ يتميز في بلدان الشمال بالقوة والتنوع، بينما يبقى محدوداً في بلدان الجنوب.
  • التوسع العشوائي للمدن على حساب الأراضي الزراعية، مما يهدد الأمن الغذائي.
  • انتشار الأحياء العشوائية (دور صفيح، سكن غير لائق) تفتقر للبنيات الأساسية والخدمات الاجتماعية.
  • ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، خاصة في الأحياء الهامشية.
  • تدهور بيئي ملحوظ يشمل تلوث الهواء والماء والتربة، بفعل الضغط السكاني والأنشطة الصناعية غير المنظمة.

       يتضح أن المدن، سواء في بلدان الشمال أو الجنوب، تلعب أدواراً أساسية في التنظيم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجال، إلا أن هناك تبايناً واضحاً في طرق استغلال هذا المجال، حيث يغلب الطابع المنظم في دول الشمال، مقابل انتشار العشوائية وغياب التخطيط الحضري في دول الجنوب، مما يؤدي إلى تفاقم المشاكل الحضرية والبيئية.

لتحميل درس أشكال استغلال الإنسان للمجال في المدن للجذع المشترك علوم اضغط على الرابط في الأسفل:

زر الذهاب إلى الأعلى